وقالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يارسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أرضعيه حتى يدخل عليك
فهذا الحديث قد عارضه حديث عائشة السابق أنها قالت: دخل علي رسول الله وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه فقلت يارسول الله : إنه أخي من الرضاعة قال: انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة "
قال ابن رشد فمن ذهب إلى ترجيح هذا الحديث قال: لايحرم اللبن الذي لا يقوم للرضيع مقام الغذاء... ومن رجح حديث سالم وعلل حديث عائشة بأنها لم تعمل به قال : يحرم رضاع الكبير "٣٣٧.
مناقشته:-
ناقش الجمهور هذا القول وحاولوا دفعه وكان لهم في ذلك مسالك كمايلي:-
المسلك الأول: القول بأن هذا خاص بسالم وهذا مسلك الإمام الشافعي فقد قال في الأم:"هذا والله أعلم في سالم مولى أبي حذيفة خاصة"٣٣٨ودلل على قوله هذا بقول أم سلمة: وكان ذلك في سالم خاصة" وقال:"وإني قد حفظت عن عدة ممن لقيت من أهل العلم أن رضاع سالم خاص ثم قوى قوله بنقل أقوال عن الصحابة كقول عمر :"إنما الرضاع رضاع الصغير "وعن ابن عمر أنه كان يقول :"لا رضع إلا لمن أرضع في الصغر"٣٣٩.
المسلك الثاني: القول بجواز ذلك ثم نسخ بما جاء من أحاديث من أن الرضاع لا يحرم إلا في الصغر كحديث:" لا رضاع بعد الفصال"٣٤٠وغيره مما سبق ذكره.
فهذا الحديث وغيره وكذا الآثار التي وردت عن الصحابة تفيد اتفاقهم على النسخ٣٤١، وهذا مسلك الحنفية ولما ورد على مسلكهم قول أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتخصيص وجهوه بقولهم:"لعل سببه ما تضمنه مما يخاف أصول الشرع حيث يستلزم مس عورتها بشفتيه فحكمن بأن ذلك خصوصية"٣٤٢.


الصفحة التالية
Icon