المسلك الثالث: وهو تضعيف الحديث فقد أعله صاحب الجوهر النقي بالاضطراب سندا ومتنا، وقال في هذا الشأن :"ثم إنه حديث مضطرب الإسناد والمتن، فقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام قال لها : أرضعيه عشر رضعات ثم ليدخل عليك"٣٤٣.
القول الثالث: وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشوكاني أن رضاع الكبير يحرم في الحالات التي تشبه حالة سالم مولى أبي حذيفة وذلك للحاجة قال ابن تيمية:"ورضاع الكبير تنتشر به الحرمة من حيث الدخول والخلوة إذا كان قد تربى في البيت بحيث لا يحتشموا منه للحاجة لقصة سالم مولى أبي حذيفة"٣٤٤قال الفقيه الشوكاني :"وهو الراجح عندي"٣٤٥.
هذا وقد ناقش ابن القيم في الزاد قول المحرمين مطلقا ورد على مسلكي النسخ والتخصيص السابقين في دفع الحديث بما ملخصه:-
١. أن القائلين بالنسخ لم يأتوا بحجة سوى الدعوى فإنهم لا يمكنهم إثبات التاريخ المعلوم الأخر بينه وبين تلك الأحاديث ولو قلب أصحاب هذا القول عليهم الدعوى وادعوا نسخ تلك الأحاديث بحديث سهلة لكانت نظير دعواهم.
٢. أما القائلون بالخصوصية لسالم دون من عداه وهذا مسلك أم سلمة وهذا أقوى مما قبله بيد أن تخصيص حال سالم وأمثاله أولى من تخصيص شخص بعينه وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين وقواعد الشرع تشهد له٣٤٦.
الترجيح:-
من خلال عرض الأقوال الثلاثة وحججها ومنا قشتها يتبين رجحان القول الثالث والله أعلم علما أنه الجاري على القواعد الأصولية مع ملاحظة أن الشريعة حاكمة لكل زمان ومكان فهي مستمرة إلى قيام الساعة ولهذا نقول بتخصيص الحال لا بتخصيص الشخص أي لا يحرم رضاع الكبير كما هو نص الأدلة العامة ونخصص من حالات أفرادها ما كان مثل حالة سالم ونحن هذا نكون:-
١. قد أعملنا القواعد الأصولية من التوفيق والجمع بين الأدلة قدر الإمكان وهو هنا التخصيص من العموم فيعمل بالخاص فيما تناوله والعام في الباقي.


الصفحة التالية
Icon