٢. عملنا بحديث سالم ولم نهمله وإعمال الدليل أولى من إهماله.
وبهذا يظهر رجحان هذا القول عن غيره حيث إن القول الأول أهمل حديث سالم وإن قال بأنه خاص به فهو إهمال له من جهة كونه غير معمول به بعد سالم كما أننا نحاول الابتعاد قدر الإمكان من اللجوء إلى القول بالنسخ أو التخصيص بالأفراد إذ فيهما نوع تحجيم للشرع، وأما القول الثاني فقد أهمل الأحاديث ودلالة الآيات في أن رضاع الكبير لا يحرم فالأولون ردوا دليلا خاصا والآخرون ردوا أدلة عامة.
٣. أن فيه رفعا للمشقة وقد اتفقوا على أن المشقة تجلب التيسير وأن الحرج مرفوع وإذا كنا نستدل بهذه القواعد في حالات لربما تكون أهون من هذه ولم يرد عليها دليل بخصوصها يخرجها من حكمها العام بيد أن الفقهاء أعملوا فيها هذه القاعدة فهنا أولى إعمالا للدليل مع القاعدة إذ كيف يتربى الطفل على امرأة يحسبها أمه لسنوات طوال ثم ما إن يطر شاربه أو يكاد حتى تحتجب عنه ولربما طرد من البيت الذي عاش طفولته فيه وفارق الأسرة التى قضى معها صغره ثم بين ليلة وضحاها يجد نفسه غريبا وحيدا طريدا لا أسرة تحتويه ولا بيت يؤويه ثم هو لا يزال قليل المعرفة بالحياة وتقلباتها مما يجعله عرضة لتجار الجريمة ولهذا إذا كان قول الجمهور وجيها في السابق فقول شيخ الإسلام هو الوجيه في هذا العصر إذ به يحمى أطفال وتلتئم أسر ونحمي المجتمع.
الحكم الثاني: المقدار المحرم من اللبن:-
اختلف الفقهاء في المقدار المحرم من اللبن على أقوال:-
القول الأول: لا يحد بمقدار معين روي هذا المذهب عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر والحسن حكي و عن الثوري والأوزاعي والليث وهو مذهب الحنفية والمالكية جاء في الهداية :"قليل الرضاع وكثيره سواء إذا حصل في مدة الرضاع تعلق به التحريم"٣٤٧
وفي مدونة الفقه المالكي:"لبن المرضع يحرم إذا وصل إلى الجوف قليلا كان أو كثيرا ولو كان بمقدار ما يفطر الصائم "٣٤٨.