القول الأول هو الراجح فيجوز أن تكون المنفعة مهرا سواء قام بها الزوج كأن يخدمها سنة في عمل لها، أو على أن يعلمها القرآن، أو العلم الشرعي أو أن يهبها منفعة دار لفترة من الزمن معلومة كسنة، ويجب عليه الإيفاء في تلك الحالات كلها، والدليل على ذلك الحديث السابق، ولأن المنفعة مال في حقيقة الأمر بدليل أنها متقومة يبذل في مقابلها الذهب والفضة، كما أن الواقع يثبت مالية المنفعة بل قد تكون أغلى من كثير من الأعيان، والقول بأن الإجارة مخالفة للقياس لا يسلم بل القياس يقتضي مالية المنفعة وهي عقد مستقل بذاته لا تستثنى من غيرها كما هو الصحيح من أقوال أهل العلم، بل هذه المسألة ليست من باب القياس إنما النظر فيها من جهة تحقق الوصف في المهر من كونه مالا فإذا ما ثبت ذلك عقلا وشرعا وعملا فلا مجال للحديث عن القياس واستثناءاته.
كما أن سياق الحديث يشهد بأن ذلك لأجل النكاح، ولا يلتفت لقول من قال: إن ذلك كان إكراما للرجل بما حفظه من القرآن أي لما حفظه فتكون الباء بمعنى اللام.
أما القول بأن الحديث آحاد فلا يترك نص الكتاب له فقول لا يصح البتة لأمرين:
الأول: أن السنة تشرع كالقرآن تماما (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى( ونحن مخاطبون بما ثبت من قوله( ومأمورون بالطاعة والانقياد (وأطيعوا الله والرسول(.
الثاني: لا تعارض بين القرآن والحديث، فالقرآن يشترط كون المهر مالا والحديث بيّن أن المنفعة من المال، فهو من باب ذكر بعض أفراد العام، ومن المعلوم ألا تعارض بين العام والخاص، والمشكلة أن يفهم من النص شيء ثم يراد من السنة أن تجاري هذا الفهم وهذا غير سديد.
الحكم السادس: الزيادة والنقصان في المهر:


الصفحة التالية
Icon