القول الثاني: أن البيع يقع جائزا ولكل من المتبايعين الخيار في فسخ البيع ماداما مجتمعين لم يتفرقا بأبدانهما، وهو قول الشافعي وأحمد.
وحجتهم: ما روى ابن عمر عن رسول الله ﷺ أنه قال :"إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن لم يتفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع" متفق عليه
وقال ﷺ :"البيعان بالخيار ما لم يتفرقا".
الترجيح:
القول الثاني هو الراجح، لصحة دليله، وما قاله الأولون فمناقشون بما يلي:
١- أن السنة الثابتة لا تقابل بالقياسات ونحوها، ولهذا عاب كثير من أهل العلم على مالك مخالفته للحديث مع روايته له وثبوته عنده٣٩٩.
٢- قول عمر : البيع صفقة أو خيار معناه أن البيع ينقسم إلى بيع شرط فيه الخيار وبيع لم يشترط فيه سماه صفقة لقصر مدة الخيار فيه، ولو أراد ما قالوه لم يجز أن يعارض به قول النبي ﷺ فلا حجة في قول أحد مع قول رسول الله(٤٠٠.
٣- لا يصح قياس البيع على النكاح لأن النكاح لا يقع غالبا إلا بعد روية ونظر وتمكث فلا يحتاج إلى الخيار بعده ولأن في ثبوت الخيار فيه مضرة لما يلزم من رد المرأة بعد ابتذالها بالعقد وذهاب حرمتها بالرد وإلحاقها بالسلع المبيعة فلم يثبت فيه خيار لذلك ولهذا لم يثبت فيه خيار الشرط ولا خيار الرؤية٤٠١.
٤- أن خيار المجلس من التراضي بدلالة السنة إذ "بيّن النبي( مدة تندفع بها معرة الندامة والخداع ويستدرك بها الغبن والظلامة ليتحقق بهذه المدة الرضا الباطني"٤٠٢.


الصفحة التالية
Icon