فعن عطاء قال: "قلت لابن عباس ما المبرح؟ قال بالسواك ونحوه"(٤٤٢)، وروي نحو هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما(٤٤٣).
ونقل الرازي عن بعضهم قوله:"ينبغي أن يكون الضرب بمنديل ملفوف بيده ولا يضربها بالسياط ولا بالعصا ".
قال الرازي:"وبالجملة فالتخفيف مراعى في هذا الباب على أبلغ الوجوه"(٤٤٤)، ويظهر بهذا أن المقصود الأول بالعقاب هو العقاب المعنوي لا الحسي، وإلا ما الذي يفعله سواك أومنديل.
لكن إذا خرج الضرب عن حده التأديبي، أو"أدى إلى الهلاك وجب الضمان"(٤٤٥).
هذا وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الضرب لا يكون إلا إذا تكرر النشوز وهو ما رجحه جمهور العراقيين من الشافعية وتبعهم الرافعي، والذي صححه النووي جواز الضرب وإن لم يتكرر النشوز لظاهر الآية(٤٤٦).
والضرب وإن كان مباحاً إلا أن تركه أفضل، كما قال الشافعي(٤٤٧).
وجاء في السنة عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت:"ثم كان الرجال نهوا عن ضرب النساء، ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلى بينهم وبين ضربهن.
ثم قلت: لقد طاف الليلة بآل محمد ﷺ سبعون امرأة كلهن قد ضربت قال القاسم: ثم قيل: لهم بعد ولن يضرب خياركم"(٤٤٨).
وللحافظ هنا كلام جميل إذ يقول: "وفي قوله أن يضرب خياركم دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك أن يضربها تأديباً إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل؛ لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله"(٤٤٩).
وقال المناوي في فيض القدير:" أما الأخيار فيرون اللائق سلوك سبيل العفو والحلم والصبر عليهن، وملاينتهن بالتي هي أحسن، واستجلاب خواطرهن بالإحسان بقدر الإمكان"(٤٥٠).
الفرع الثاني: ترتيب الوسائل:-


الصفحة التالية
Icon