المراد بالسفهاء اليهود، فقد عابوا على المسلمين رجوعهم إلى الكعبة عن بيت المقدس، وكان النبي ﷺ يحب أولا أن يتوجه إلى بيت المقدس، حتى إذا دانى اليهود في قبلتهم كان أقرب إلى إجابتهم، فإنه عليه السلام كان حريصا على تأليف الكلمة، وجمع الناس على الدين، فقابلت اليهود هذه النعمة بالكفران، فأعلمهم الله تعالى أن الجهات كلها له، وأن المقصود وجهه، وامتثال أمره، فحيثما أمر بالتوجه إليه توجه إليه ; وصح ذلك فيه.
ثم إن المسجد الحرام قد ورد ذكره في القرآن والسنة وقصد به عدة معان:
١- الكعبة ومنه قوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي جهة الكعبة.
٢- المسجد كله ومنه قوله(: " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"٢١.
٣- مكة المكرمة كقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾الإسراء١
٤- الحرم كله -مكة وما حولها- كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾التوبة٢٨
بيان الأحكام:
الحكم الأول: هل الواجب استقبال عين الكعبة أم جهتها:
لا خلاف بين العلماء في وجوب استقبال الكعبة في الصلاة وإنما اختلفوا في وجوب استقبال عينها أم جهتها على قولين:
القول الأول: الواجب استقبال عين الكعبة وهو قول الشافعي، واستدل بما يلي:
١- قول الله تعالى :﴿ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ﴾.
٢- أنه يجب على المصلي التوجه إلى الكعبة فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين لها


الصفحة التالية
Icon