وقد كان من بين هذه العلوم علم التفسير فدبجت يراعات أهل العلم تفاسير متنوعة منها الكبير والمتوسط والصغير، وتميز كل تفسير بميزة أو ميزات إذ انعكست شخصيات ومعلومات وإدراكات والخلفيات العلمية للمفسرين على تفاسيرهم، فمنهم من غلب عليه الأثر كابن كثير في تفسيره تفسير القرآن العظيم، ومنهم من غلب عليه تخصصه اللغوي فغلب على تفسيره كأبي حيان في تفسيره البحر المحيط، ومنهم من غلب عليه القصص والرقائق فجاء تفسيره انعكاسا لذلك كالثعلبي.
والكلام نفسه يقال في التفاسير الفقهية والتي عمد فيها الفقهاء إلى بيان الأحكام التي ورد ذكرها في القرآن الكريم بيد أن الفارق هو أن الفقهاء اقتصروا على الآيات المتعلقة بالأحكام دون غيرها.
مراحل التأليف في آيات الأحكام:
من الممكن أن نقسم المراحل التاريخية للتصنيف في هذا العلم على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: المرحلة الذهبية: وهو العصر الممتد من القرن الثالث وحتى الثاني عشر، فقد كانت بداية البداية في منتصف القرن الثالث، ثم انتشر التتصنيف بعد ذلك بسبب انتشار المذاهب ومحاولة لدعم موقف المذهب شرعيا ببيان حججه القرآنية، وغلب على هؤلاء التمكن العلمي والمذهبي.
وكانت الساحة الإسلامية تشهد مجادلات ومناظرات واسعة بين أتباع المذاهب، والاختلاف في أقرب مذهب للشرع من أبعده، مما أثمر مثل هذه الدراسات.
ورغم هذه الفترة الزمنية الطويلة إلا أن تلك الجهود كانت محدودة ومعدودة، وقد قام بعض المعاصرين بوضع قائمة بأسماء المؤلفات الخاصة بالأحكام فلم يصل تعدادها الأربعين مؤلفا بعضها رسائل صغيرة، وأخرى ناقصة، وقد تغايرت القرون في نصيب التصنيف في هذا العلم فأكثر القرون حضا القرن الثالث والرابع والتاسع ثم ياتي القرن السادس ثم بقية القرون.
أما القرنان الثاني عشر والثالث عشر ففيهما خفت هذا العلم فلم يسجل أي كتاب يتصل بهذا المجال.