المرحلة الثانية: الفتور: ورغم أن الأمة قد دخلت عصور التقليد قبل هذه الفترة بقرون بيد أن الذروة كانت في هذين القرنين، فقد اتفق الجميع على صحة تقليد إمام من الأئمة الأربعة، وأنهم جميعا يرتشفون من الشرع فترك الناس الاستنباط وركنوا إلى التقليد فخفت نور هذا العلم وبدلا من العكوف على مثل هذه الدراسات متماشية مع دراستهم المذهبية اقتصروا على قراءة المتون والشروح وتنافسوا فيها بعيدا عن هدي القرآن، والتمرس في التعامل مع النص القرآني والاستنباط منه.
بل لقد ازداد الأمر سوءا عندما نادى البعض بعدم جواز الاستنباط من القرآن والسنة وأنهما لمجرد التبرك!!!
إن في زماننا الكثيرين ممنوصفهم رسول الله( بأنهم دعاة على أبواب جهنم ممن يريدون أن يحنطوا القرآن ويجعلونها للتبرك.
صحيح أن العلماء الداعين لمقولتهم تلك لم يريدوا فصل الدين عن الدولة وحاشاهم، ولكن هذه الدعوى في بعض جوانبها تؤدي إلى ما يهدف غليه أولئك الدعاة، لأن المذاهب الفقهية لن تحيط بشؤون الدنيا ومشاكلها، كما أن القرآن والسنة هما مصدرا التشريع لا غيرهما وكل يستدل لقوله ولا يستدل به.
كما يؤدي هذا القول إلى قطع الصلة بين الناس وكتاب ربهم وسنة نبيهم وهو لعمر الله خطأ فادح، وما المآسي التي تقع اليوم ممن يوصمون بالمفكرين والتحرريين والتقدميين ودعاة الحقوق المتنوعة الموضات والصراعات، وما الانفلات الذي يعاني منه الكثير من الشباب فتيانا وفتيات وغيره الكثير من المحزنات إلا تجل واضح للاغتراب عن الدين والبعد عن القرآن والسنة.