إن الصفا والمروة -وهما جبلان معروفان بمكة- من متعبداته فمن حج أو اعتمر فلا إثم عليه أن يطوف بالجبلين وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بينهما وعليهما صنمان يمسحونهما فكره المسلمون الطواف بينهما فأنزل الله تعالى هذه الآية ومن تطوع خيرا أي فعل غير المفترض عليه من طواف وصلاة وزكاة وطاعة فإن الله شاكر عليم٢٤.
بيان الأحكام:
الحكم الأول: هل السعي بين الصفا والمروة فرض أو تطوع؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه ركن من أركان الحج، فمن تركه بطل حجه وهو مذهب المالكية والشافعي ورواية عن أحمد.
واستدلوا بما يلي:
١- قوله( وهو يسعى بين الصفا و المروة: كتب عليكم السعي فاسعوا"٢٥.
٢- أن النبي ( سعى بعد الطواف وقال خذوا عني مناسككم.
القول الثاني: إنه واجب وليس بركن وإذا تركه وجب عليه دم، وهو قول أبي حنيفة.
واستدل بأن الآية رفعت الإثم عمن تطوف بهما (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) ورفع الجناح يدل على الإباحة لا على أنه ركن ولكن فعل النبي( جعله واجبا فصار كالوقوف بالمزدلفة يجزئ عنه دم إذا تركه.
القول الثالث: أنه تطوع ليس بركن ولا واجب، ولا يجب بتركه شئ وهو رواية عن أحمد.
واستدل له بما يلي:
١- لقول الله تعالى :(فلا جناح عليه أن يطوف بهما( ونفي الحرج عن فاعله دليل على عدم وجوبه فإن هذا رتبة المباح وإنما تثبت سنيته بقوله :(من شعائر الله(.
٢- قوله تعالى: (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم) فبين أنه تطوع وليس بواجب.
٣- روي أن مصحف أبي وابن مسعود :(فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) وهذا إن لم يكن قرآنا فلا ينحط عن رتبة الخبر لأنهما يرويانه عن النبي(.
المناقشة والترجيح:
يظهر من استعراض أدلة الفريقين رجحان قول الجمهور لأمر النبي( بأخذ المناسك عنه والأمر للوجوب.