أما الاستدلال على عدم الركنية بنفي الحرج فغير ظاهر لأن نفي الحرج وهو الإثم لا يستلزم نفي الركنية، يوضحه أن البعض كان يتأثم من السعي لكونه كان مسعى الجاهلية فقال الله بأنه لا إثم في ذلك وقالت السنة هو ركن من أركان الحج.
ومن استدل بقول تعالى (ومن تطوع خيرا..) فالمراد أن يتطوع بالحج والعمرة مرة أخرى كما قال الطبري.
كتمان العلم الشرعي
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ()إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(البقرة١٥٩، ١٦٠
معنى الآية:
نزلت هذه الآية في أهل الكتاب الذين كتموا صفة محمد( ثم أخبر أنه يلعنهم كل شيء على صنيعهم ذلك، فكما أن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء والطير في الهواء فهؤلاء -بخلاف العلماء- يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، إلا من تاب منهم.
والمراد هنا كل من كتم الحق فهي عامة في كل من كتم علما من دين الله يحتاج إلى بثه، ولا تخص اليهود والنصارى إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فالخطاب وإن كان لبني إسرائيل غير أن خطابات القرآن وقصصه المتعلقة بالأمم الأخرى إنما يقصد منها الاعتبار والاتعاظ فنحن محذرون من مثل ما وقعوا فيه بطريق الأولى لأننا أولى بالكمالات النفسية٢٦.
بيان الأحكام:
استدل بعض الفقهاء بهذه الآية على حرمة أخذ الأجرة على تعليم العلم الديني، لأن الآية أمرت بإظهار العلم ونشره وعدم كتمانه ولا يستحق إنسان أجرا على عمل يلزمه أداؤه كما لا يستحق الأجر على الصلاة لأنها قربة وعبادة.