غير أن المتأخرين لما رأوا أنه ليس في الناس مع كثرة مشاغل الحياة ما يلجئهم إلى الانقطاع لهذه المهام أباحوا أخذ الأجور، لضرورة حفظ العلم ونشره وعدم ضياعه.
وإذا كان هذا شأن عصور كان الإسلام وتطبيقه هو الغالب على المجتمعات الإسلامية، وكانت العلوم الشرعية لها الرواج الكبير، فكيف بنا اليوم بعد أن انصرف الكثيرون عن هذا التخصص والذي هو في حقيقة الأمر قوام الحياتين الدنيوية والأخروية ولهذا نشأت الجامعات الإسلامية وخصصت الأقسام الشرعية في كثير من جامعات العالم الإسلامي.
تحريم الخبائث
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( البقرة ١٧٣، ١٧٢
بيان الأحكام:
اشتملت هذه الآية على جملة أحكام هي:
الحكم الأول: عموم الآية وخصوصها:
صح في السنة عن عبد الله ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "أحلت لكم ميتتان ودمان. فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال"٢٧ فاختلف العلماء في تخصيص عموم تحريم أكل الميتة والدم بهذا الحديث على قولين:
القول الأول: يعمل بالتخصيص وهو قول الشافعي وأبو حنيفة وأحمد.
القول الثاني: أجازوا أكل السمك دون الجراد لأن الحديث السابق لم يصح عندهم، لكنهم أجازوا أكل ميتته السمك لحديث: "هو الطهور ماؤه والحل ميتته".
الراجح:
من الواضح أن قول الجمهور هو الراجح لصحة ما استدلوا به.
الحكم الثاني: الانتفاع بالميتة في غير الأكل:
اختلف العلماء في الانتفاع بالميتة في غير الأكل كدهن السفن بشحمها على قولين:
القول الأول: حرمة الانتفاع بالميتة مطلقا، وهذا قول الجمهور.
وعللوا قولهم بما يلي: