إذا فسرنا قوله تعالى: (غير باغ ولا عاد( بأنه البغي على الإمام والاعتداء على الناس فإن معنى الآية سيكون جواز بل وجوب أكل الميتة للمضطر ما لم يكن عاصيا بسفره هذا وهذا قول مالك والشافعي وخالف أبو حنيفة وبعض المالكية فقالوا له أن يأكل، وربما استدلوا بقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة( فإن إتلاف النفس أعظم من أكل الميتة ولاحجة لهم فإنه مكلف باجتناب ما نهى الله، ويمكنه حفظ نفسه بأن يتوب ويأكل٣٥.
في القصاص حياة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ()وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( البقرة١٧٩، ١٧٨
معنى الآية:
يقول تعالى : كتب عليكم العدل في القصاص أيها المؤمنون حركم بحركم وعبدكم بعبدكم وأنثاكم بأنثاكم ولا تتجاوزوا وتعتدوا كما اعتدي من قبلكم وغيروا حكم الله فيهم.
وسبب ذلك قريظة والنضير كانت بنو النضير قد غزت قريظة في الجاهلية وقهروهم فكان إذا قتل النضري القرظي لا يقتل به بل يفادي بمائة وسق من التمر، وإذا قتل القرظي النضري قتل وإن فادوه فدوه بمائتي وسق من التمر ضعف دية قريظة فأمر الله بالعدل في القصاص ولا يتبع سبيل المفسدين٣٦.
بيان الأحكام:
اشتملت هذه الآية على جملة أحكام، ولكن قبل ذكرها لا بد من بيان مسألة كانت سببا في خلاف وقع بين الفقهاء وهي أنهم اختلفوا في قوله تعالى: ﴿ كتب عليكم القصاص في القتلى ﴾ ; فقيل : هو كلام عام مستقل بنفسه ; وهو قول أبي حنيفة.