٢- عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي هل عندكم كتاب ؟ قال لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة، قال قلت فما في هذه الصحيفة ؟ قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر٤٤.
المناقشة والترجيح:
استدلال الأحناف مناقش بما يلي:
١- أن القاعدة الأصولية تقول بأن العموم إذا خصص يعمل بالخاص فيما تناوله والعام في الباقي، والعام الذي استدلوا به قد خصص بالحديث الثابت في البخاري وغيره (لا يقتل مسلم بكافر) فوجب العمل بالخاص، ولكن مشكلة الأحناف أنهم يقولون بأن التخصيص نسخ والسنة لا تنسخ القرآن.
٢- الحديث الذي استدل به الأحناف ضعيف فهو من رواية ابن البيلماني وهو ضعيف إذا أسند فكيف إذا أرسل كما في هذا الحديث٤٥ ولهذا قال ابن المنذر : لم يصح عن النبي ﷺ خبر يعارض حديث (لا يقتل مسلم بكافر).
٣- نقل عن الشافعي أنه قال : حديث ابن البيلماني على تقدير ثبوته منسوخ بقوله عليه السلام في زمن الفتح :" لا يقتل مسلم بكافر ".
٤- أجمع العلماء -كما قال ابن عبد البر- على أنه لا يقاد المسلم بالكافر فيما دون النفس، فهذا تعارض بين قولهم بالقصاص في النفس دون الجراح، بل إذا لم يثبت القصاص في الجراح فالنفس أولى.
ومن خلال هذه الإيرادات والمناقشات لمذهب الأحناف تبين رجحان قول الجمهور لدلالة السنة الثابتة عليه.
الحكم الثالث: هل يقتل الجماعة بالواحد:
إذا اشترك جماعة في قتل واحد هل يقتلون جميعا؟ في المسألة أقوال:
القول الأول: أن الجماعة إذا قتلوا واحدا فعلى كل واحد منهم القصاص وهو قول الجمهور مالك والشافعي وأحمد.
واستدلوا بما يلي:
١- الإجماع، فقد روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلا وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا، وعن علي رضي الله عنه أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلا وعن ابن عباس أنه قتل جماعة بواحد ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف فكان إجماعا.


الصفحة التالية
Icon