( ما كتب الله لكم ) ما أحله الله ورخص لكم به من التمتع بهن أو ما قدره الله تعالى من الولد.
وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أنه في أول شريعة محمد( كان الصوم عبارة عن الإمساك عن المفطرات نهارا ولا يقرب شيئا منها بعد النوم ولا بعد صلاة العشاء الأخيرة فإذا فعل شيئا منها بعد النوم أو بعد صلاة العشاء فقد ارتكب محرما ونسخ هذا الحكم بهذه الآية٥٨.
وزعم أبو مسلم الأصفهاني أن هذه الحرمة لم تكن في شرعنا بل في شرع النصارى وأن الله تعالى نسخ بهذه الآية ما كان في شرع النصارى.
ورد الجمهور بما في الآية من دلالة على أن الحكم كان في الإسلام بما فيها من الخطاب للمسلمين والعفو عنهم.
بيان الأحكام :
الحكم الأول: مباشرة الزوجة في ليل رمضان:
قوله سبحانه (باشروهن) أمر فهل يفيد الوجوب؟
هو على الخلاف في حكم الأمر بعد الحضر هل هو للندب أو للوجوب أو يعيد الأمر إلى حكمه قبل الحضر.
كما دل قوله (باشروهن...( على أن الجنابة لا تنافي صحة الصوم، فإباحة الجماع إلى آخر الليل يعنى طلوع الفجر وهو جنب وقد أمره الله بإتمام صومه (ثم أتموا الصيام إلى الليل( وفي الصحيحين عن عائشة أن النبي( كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل.
الحكم الثاني: هل يجب قضاء صوم النفل إذا أفسده؟
في هذه المسألة أقوال:
القول الأول: يجب قضاء ما شرع فيه من صوم التطوع، وهو مذهب الحنفية.
واستدلوا بما يلي:
١- قوله تعالى: (ثم أتموا الصيام من الليل) قالوا: هذه الآية عامة لكل صوم فكل صوم شرع فيه لزمه إتمامه.
٢- قوله تعالى (ولا تبطلوا أعمالكم) فمن أبطل نافلة وجب عليه إعادتها.
القول الثاني: إن أبطله فعليه القضاء وإن كان طرأ عليه ما يفسده فلا قضاء عليه، وبه قال المالكية.
القول الثالث: لا يجب عليه القضاء، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
واستدلوا بجملة أدلة أقواها حديث أم هانيء أن رسول الله( قال: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام و إن شاء أفطر" وهو حديث صحيح٥٩.