اختلف الفقهاء في العمرة هل هي واجبة أو سنة على قولين:
القول الأول: العمرة واجبة في العمر مرة، وهو قول الشافعي وأحمد.
واستدلوا بما يلي:
١- قول الله تعالى ﴿ وأتموا الحج والعمرة ﴾ ومقتضى الأمر الوجوب، والمعنى ائتوا بهما تامين مستجمعين للشرائط والأركان، أو يقال:" اللفظ يحتمل إتمامهما بعد الدخول فيهما ويحتمل الأمر بابتداء فعلهما فالواجب حمله على الأمرين"٧١.
٢- عطف العمرة على الحج في الآية، والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه.
٣- عن أبي رزين أنه أتى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال : حج عن أبيك واعتمر٧٢.
القول الثاني: سنية العمرة وبه قال أبو حنيفة ومالك.
واستدلوا بما يلي:
١- روى جابر أن النبي ﷺ سئل عن العمرة أواجبة هي ؟ قال :"لا وإن تعتمروا فهو أفضل" أخرجه الترمذي ونقل عن الشافعي تضعيفه٧٣.
٢- عن طلحة أنه سمع رسول الله (يقول :"الحج جهاد والعمرة تطوع" رواه ابن ماجه٧٤.
٣- لم يرد ذكر للعمرة في الأحاديث التي بينت قواعد الإسلام.
٤- أنه نسك غير موقت فلم يكن واجبا كالطواف المجرد.
المناقشة والترجيح:
هذه المسالة صعبة الترجيح لكون أدلة القولين لها وجاهتها، فالأحناف ومن وافقم كالشوكاني يجيبون عن أدلة الموجبين بأن ذلك بعد الشروع فيها وهي حينئذ واجبة، قال الشوكاني: وهذا وإن كن فيه بعد لكنه يجب المصير إليه جمعا بين الأدلة وعلى هذا يحمل ما فيه دلالة على وجوبها، وهكذا ينبغي حمل ما ورد من الأحاديث التي قرن فيها بين الحج والعمرة في أنهما من أفضل الأعمال وأنهما كفارة لما بينهما وأنهما يهدمان ما كان قبلهما ونحو ذلك٧٥.
وأما الآية فأجابوا عنها بأن لا دلالة فيها على الوجوب، وذلك لأن أكثر ما فيها الأمر بإتمامها وذلك إنما يقتضي نفي النقصان عنهما إذا فعلت لأن ضد التمام هو النقصان لا البطلان٧٦.


الصفحة التالية
Icon