ودليله هذه الآية والتي فيها النهي عن نكاح المشركات، وكان يقول: "لا أعلم شركا أعظم من أن تقول : ربها عيسى" وذهب إلى هذا القول الزيدية من الشيعة وجعلوا هذه الآية ناسخة لآية المائدة.
القول الثاني: جواز نكاح الكتابيات، وبه قال الجمهور.
واستدلوا بقوله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ( المائدة٥.
المناقشة والترجيح:
رد الجمهور على قول ابن عباس بما يلي:
١- أن المشركات لا يتناول الكتابيات لقوله تعالى: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين( فقد عطف المشركين على أهل الكتاب والعطف يقتضي المغايرة.
٢- ما قالوه من النسخ ليس بصحيح لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة والمائدة من آخر ما نزل.
وعليه فالراجح قول الجمهور، ولكن في النفس شيء من قولهم بأن الكتابيات لا تدخل في عموم المشركات، والذي يظهر هو الدخول، وأن لفظة المشركات تعم كل مشركة، كما قال الجمهور في لفظ المشركين الآتي لاحقا إذ نصوا على عمومه للكتابيين فكان الأصل أن يقال ذلك هنا، وقولهم بأن القرآن قد غاير بين المشركين والكتابيين فيقال هذا ليس من باب عطف الشيء على غيره بل هو من عطف الخاص على العام، ومما يؤيد هذا كله أن القرآن قد نص على شرك اليهود والنصارى فقال: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( التوبة٣١


الصفحة التالية
Icon