القول الثاني: الطهر الذي يحل به جماع الحائض الذي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء كطهر الجنب ولا يجزيء من ذلك تيمم ولا غيره وبه قال مالك و الشافعي.
واحتجوا بقوله ﴿ فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ﴾ فشرط في إباحته شيئين أحدهما انقطاع الدم والآخر الاغتسال لأن قوله ( فإذا تطهرن ) لا يحتمل غير الاغتسال.
القول الثالث: انقطاع الدم يحلها لزوجها ولكن بأن تتوضأ، قاله مجاهد و عكرمة و طاوس.
القول الرابع: ذهب الأوزاعي إلى أنها إن انقطع دمها وغسلت فرجها بالماء جاز وطؤها، وبه قال أبو محمد بن حزم.
واحتجوا بقوله تعالى ﴿ ولا تقربوهن حتى يطهرن ﴾ وحتى غاية تقتضي أن يكون حكم ما بعدها بخلافها فذلك عموم في إباحة وطئها بانقطاع الدم١١٩.
سبب الخلاف:
قال ابن رشد مبينا سبب الخلاف: " وسبب اختلافهم الاحتمال الذي في قوله تعالى ﴿ فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله ﴾ هل المراد به الطهر الذي هو انقطاع دم الحيض أم الطهر بالماء ؟ ثم إن كان الطهر بالماء فهل المراد به طهر جميع الجسد أم طهر الفرج ؟ فإن الطهر في كلام العرب وعرف الشرع اسم مشترك يقال على هذه الثلاثة المعاني وقد رجح الجمهور مذهبهم بأن صيغة التفعل إنما تنطلق على ما يكون من فعل المكلفين لا على ما يكون من فعل غيرهم فيكون قوله تعالى ﴿ فإذا تطهرن ﴾ أظهر في معنى الغسل بالماء منه في الطهر الذي هو انقطاع الدم والأظهر يجب المصير إليه حتى يدل الدليل على خلافه ورجح أو حنيفة مذهبه بأن لفظ يفعلن في قوله تعالى ﴿ حتى يطهرن ﴾ هو أظهر في الطهر الذي هو انقطاع دم الحيض منه في التطهر بالماء"١٢٠.
الترجيح:
الأقرب ما قاله الجمهور :
١- لدلالة التطهر المقتضي للتفعل وهو كسب العبد على الاغتسال.
٢- لأن الله تعالى قد علل ذلك بقوله (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) وظاهر اللفظ يدل على أن الرماد به الطهارة الحسية وهي الاغتسال بالماء١٢١.