الحكم الرابع: هل يجب إتيان الحائض عقب التطهر؟
أخذ ابن حزم من الأمر في الآية (فإذا تطهرن فأتوهن..) وجوب إتيان الحائض عقب طهرها.
وذهب الجماهير من أهل العلم إلى عدم وجوب إتيان الحائض عقب التطهر، لأن الأمر هنا بعد الحظر وفيه خلاف بين العلماء الكثيرون على أنه يفيد الإباحة والصحيح أنه يعيد الحكم إلى ما قبل الحظر.
نساؤكم حرث لكم
(نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ( البقرة٢٢٣
(الحرث) ورد في اللغة على عدة معاني منها: الزرع(١٢٢)، وهو على حذف مضاف أي موضع حرثكم، أو الحرث بمعنى المحترث والمزدرع(١٢٣).
وإنما كانت النساء محترثاً ومزدرعاً لأنهن مكان الولد، والمعنى : نساؤكم مزدرع لكم، تثمر لكم الأولاد، فأتوا هذا المزدرع (١٢٤).
بيان الأحكام:
لقد نص العلماء على حرمة إتيان الزوج زوجته من الدبر وكانت أدلتهم كما يلي:
١- قوله (أنى شئتم(أي: من أي وجه شئتم، وذلك أن (أنى) في كلام العرب كلمة تدل إذا ابتدىء بها في الكلام على المسألة عن الوجوه والمذاهب، فإذا قال قائل لرجل: أنى لك هذا المال؟ يريد من أي الوجوه لك، ولذلك يجيب المجيب فيه بأن يقول : من كذا وكذا، كما قال تعالى مخبراً عن زكريا في مسألته مريم ( قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ((آل عمران: من الآية٣٧).
وهي مقاربة (أين) و(كيف) في المعنى، ولذلك تداخلت معانيها فأشكلت (أنى) على سامعها ومتأولها حتى تأولها بعضهم بمعنى (أين)، وبعضهم بمعنى (كيف)، وآخرون بمعنى (متى)وهي مخالفة لجميع ذلك في معناها، وهن لها مخالفات، وذلك أن (أين) إنما هي حرف استفهام عن الأماكن والمحال، وإنما يستدل على افتراق معاني هذه الحروف بافتراق الأجوبة عنها.
ألا ترى أن سائلاً لو سأل آخر فقال : أين مالك ؟