٩- "من المعلوم أن المرأة بجميع أجزائها ليست محلاً للحراثة، بل محل الحراثة هو الموضع المعين منها، فلما حمل مواضع الحراثة على ذوات النساء احتجنا إلى تقدير مضاف آخر في المبتدأ، والتقدير: أبضاع نسائكم حرث لكم، ولا شك أن موضع حراثة الولد ليس أماكن متعددة بل هو موضع معين منها، فلم يكن حمل قوله (أنى شئتم) على التخيير في الأمكنة، فيكون محمولاً على التخيير في الكيفيات"(١٣٤) (١٣٥).
ونزيد على هذا ونقول: إن قضاء الشهوة من المقاصد الأساسية للإنسان من النكاح، بيد أن حفظ النسل من المقاصد الشرعية الضرورية الكلية، وقضاء الشهوة هو من الوجهة المقاصدية مسألة تحسينية أو حاجية أومكملة لمقصد حفظ النسل، وبهذا يتضح هنا الفرق بين مقاصد الشارع ومقاصد المكلف.
وهنا قاعدة مقاصدية مهمة تفيدنا في هذا الموضوع، وهي أنه إذا تعارض المقصدان قدم قصد الشارع، وهنا تعارض قصد الرجل في إتيان الدبر لقضاء شهوته المريضة مع قصد الشرع الذي طلب النسل-والإتيان من الدبر يعارض هذا المقصد-والحفاظ عليه، وجعل قضاء الشهوة الحلال وسيلة لذلك فيقدم قصد الشرع، لأن الشارع هو الحاكم، ولأن الشريعة جاءت لتخرج الإنسان من داعية هواه كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله في الموافقات(١٣٦).
ونقطة مهمة أخرى وهي أن للمرأة حقاً في قضاء شهوتها، لا يجوز للرجل بحال من الأحوال إغفاله، وفي إتيان المرأة من دبرها قضاء على هذه الشهوة، وإفساد للعشرة الزوجية.
النهي عن كثرة الحلف وجعلها مانعة من الخير
(وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴿٢٢٤﴾(
معنى الآية:
في معنى الآية ثلاثة أقوال:
١- لا تحلفوا بالله أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس، هذا قول ابن عباس.
٢- لا تحلفوا بالله كاذبين لتتقوا المخلوقين وتبروهم وتصلحوا بينهم بالكذب روى هذا المعنى عطية عن ابن عباس


الصفحة التالية
Icon