أما حديث الإغلاق فقد فسره علماء الغريب بالإكراه وهو قول ابن قتيبة والخطابي وابن السيد وغيرهم، وقيل الجنون واستبعده المطرزي، وقيل الغضب وقع في سنن أبي داود في رواية بن الأعرابي وكذا فسره أحمد ورده بن السيد فقال لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق لأن أحدا لا يطلق حتى يغضب١٤٢.
الإيلاء
(لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴿٢٢٦﴾ وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴿٢٢٧﴾(
معاني المفردات:
الإيلاء لغة الحلف، وشرعا: أن يحلف الرجل على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر.
التربص: النظر أو التوقف.
فاءوا : رجعوا.
وفي هذه الآية أبطل الله سبحانه ما كانوا عليه من الضرار، فقد كان الرجل يولي من امرأته السنة والسنتين وأكثر ولا تطلق عليه، فأبطل الله ذلك وأنظر المولي أربعة أشهر فإما أن يفيء أو يطلق.
بيان الأحكام:
الحكم الأول: مدة الإيلاء:
اتفق الفقهاء على أن من حلف ألا يمس زوجته أكثر من أربعة أشهر كان موليا، واختلفوا فيمن حلف ألا يمسها أربعة أشهر :
القول الأول: يثبت له حكم الإيلاء، فإذا مضت أربعة أشهر قبل أن يفيء بانت بتطليقة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
وحجة أبي حنيفة أن الله تعالى حدد المدة للفيء بأربعة أشهر فإذا لم يرجع عن يمينه في هذه المدة فكأنه أراد طلاقها وعزم عليه، والعزيمة أمر قلبي، فالمراد من قوله تعالى (عزموا الطلاق) عقدوا عليه قلوبهم، ولم تشترط الآية أن يطلق بالفعل.
القول الثاني: لا تطلق بمضي المدة وإنما يؤمر الزوج بالفيئة _أي الرجوع عن يمينه- أو بالطلاق فإذا امتنع الزوج منهما طلقها الحاكم عليه، وبه قال الجمهور.
وحجة الجمهور ما يلي:
١- هذه الآية وظاهرها أن الفيئة بعد أربعة أشهر لذكره الفيئة بعدها بالفاء المقتضية للتعقيب.


الصفحة التالية
Icon