وضع علماء الأصول شروطا لمن يبلغ رتبة الاجتهاد كان أولها معرفة القرآن الكريم، وضيق بعضهم هذه الدائرة وقصرها على آيات الأحكام، وقالوا: لا يشترط معرفته بجميع الكتاب والسنة بل بما يتعلق منهما بالأحكام، قال الغزالي وتبعه جماهير علماء الأصول: إن الذي في الكتاب العزيز من ذلك قدر خمسمائة آية٢، قال ابن العربي: "وقد يزيد عليها بحسب تبحر الناظر وسعة علمه"٣.
قال الشوكاني: ودعوى الانحصار في هذا المقدار إنما هي باعتبار الظاهر للقطع بأن في الكتاب العزيز من الآيات التي تستخرج منها الأحكام الشرعية أضعاف أضعاف ذلك بل من له فهم صحيح وتدبر كامل يستخرج الأحكام من الآيات الواردة لمجرد القصص والأمثال.
لكن يبدوا أن الغزالي ومن تابعه قصدوا بذلك الآيات الدالة على الأحكام دلالة أولية بالذات لا بطريق التضمن والإلتزام.
وقد حكى المارودي عن بعض أهل العلم أن اقتصار المقتصرين على العدد المذكور إنما هو لأنهم رأوا مقاتل بن سليمان أفرد آيات الأحكام في تصنيف وجعلها خمسمائة آية قال الأستاذ أبو منصور يشترط معرفة ما يتعلق بحكم الشرع ولا يشترط معرفة ما فيها من القصص والمواعظ٤.
والذي سنجري عليه في هذا الكتاب أقل من هذا العدد لسبب بسيط وهو أن بعض هذه الآيات ظاهرة الوضوح لا تحتاج إلى شرح إضافة إلى الرغبة في عدم تضخيم الكتاب، وبما يتوافق مع السنة الدراسية.
سادسا: التفسير الفقهي في العصر الحديث
نظرا لأهمية هذا العلم وما يمثله من إعادة ترتيب للذهنية الفقهية والتفسيرية وعودة للمنبع الصافي القرآن والسنة برزت عدة مؤلفات كانت الدراسات الجامعية سببا في وجودها من أهم هذه الكتب:
- آيات الأحكام للسايس.
- روائع البيان للصابوني.
- أحكام القرآن لابن عثيمين وغيرها.


الصفحة التالية
Icon