وأما إذا تشاقق الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ولا حرج عليها في بذلها له ولا حرج عليه في قبول ذلك منها ولهذا قال تعالى :﴿ ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ﴾ والمراد بعدم إقامة حدود الله ما شرعه الله من حقوق وواجبات بين الزوجين.
وقد قال طائفة كثيرة من السلف وأئمة الخلف : إنه لا يجوز الخلع إلا أن يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة فيجوز للرجل حينئذ قبول الفدية.
واحتجوا بقوله تعالى :﴿ ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله ﴾ قالوا : فلم يشرع الخلع إلا في هذه الحالة فلا يجوز في غيرها إلا بدليل والأصل عدمه ممن ذهب إلى هذا ابن عباس وطاوس وإبراهيم وعطاء والحسن والجمهور حتى قال مالك والأوزاعي : لو أخذ منها شيئا وهو مضار لها وجب رده إليها وكان الطلاق رجعيا قال مالك : وهو الأمر الذي أدركت الناس عليه.
وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه يجوز الخلع في حال الشقاق وعند الاتفاق بطريق الأولى والأحرى وهذا قول جميع أصحابه قاطبة.
وحكى الشيخ أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستذكار له عن بكر بن عبد الله المزني أنه ذهب إلى أن الخلع منسوخ بقوله :﴿ وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ﴾ ورواه ابن جرير عنه.
قال ابن كثير: وهذا قول ضعيف ومأخذ مردود على قائله١٥٤.
الحكم الرابع: أخذ الزوج زيادة على ما أعطى الزوجة:
اختلف الأئمة رحمهم الله في أنه هل يجوز للرجل أن يفاديها بأكثر مما أعطاها على قولين:
القول الأول: لا يجوز، وهو قول الشعبي والحسن البصري.
وحجتهم أن الآية بصدد الأخذ مما أعطى الرجال النساء فلا تجوز الزيادة.