وسبب نزولها أن معقل بن يسار رضي الله عنه قال:"كنت زوجت أختاً لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها ! لا والله، لا تعود إليها أبداً، قال: وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فقلت الآن أفعل يارسول الله، فزوجتها إياه"(١٦٤).
وقد اختلف المفسرون في هذا الخطاب(فلا تعضلوهن( على ثلاثة أقوال:-
الأول: أنه خطاب للأزواج، "ويكون معنى العضل منهم أن يمنعوهن من أن يتزوجن من أردن من الأزواج بعد انقضاء عدتهن؛ لحمية الجاهلية كما يقع كثيراً من السلاطين وغيرهم، غيرة على من كن تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم"(١٦٥) "وقد يكون ذلك بأن يدس إلى من يخطبهن ما يخيفه أو ينسب إليهن ما ينفر الرجل من الرغبة فيهن".
بيد أن هذا القول سيقع في إشكال وهو أن قوله تعالى: (أزواجهن) يعني من قد تزوجوا بهن، وهذا القول يجعل من لم يتزوج بالمرأة قط هو الممنوع وللجواب على هذا الإشكال حملوا الأزواج على من يردن أن يتزوجنه، وقالوا بأن العرب كثيراً ما تسمي الشيء باسم ما يؤول إليه(١٦٦).
الثاني: أنه خطاب للأولياء في عضلهن أن يرجعن إلى أزواجهن الذين كانوا أزواجا لهن و سموا أزواجاً باعتبار ما كان "ويكون معنى إسناد الطلاق إليهم أنهم سبب له لكونهم المزوجين للنساء المطلقات من الأزواج المطلقين لهن"(١٦٧).
الثالث: لجميع الناس، فيتناول عضل الأزواج والأولياء جميعاً(١٦٨) قال أبو السعود: "وإما للناس كافة فإن إسناد ما فعله واحد منهم إلى الجميع شائع مستفيض، والمعنى: إذا وجد فيكم طلاق فلا يقع فيما بينكم عضل سواء كان ذلك من قبل الأولياء أو من جهة الأزواج، وفيه تهويل لأمر العضل وتحذير منه وإيذان بان وقوع ذلك بين ظهرانيهم وهم ساكتون عنه بمنزلة صدوره عن الكل في استتباع اللائمة وسرابة الغائلة "(١٦٩).


الصفحة التالية
Icon