ثَنَاؤُهُ، أَرْسَلَهُ إِلَى قَوْمٍ، فَإِنَّمَا أَرْسَلَهُ بِلِسَانِ مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ، وَكُلَّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيٍّ، وَرِسَالَةٍ أَرْسَلَهَا إِلَى أُمَّةٍ، فَإِنَّمَا أَنْزَلَهُ لَهُ بِلِسَانِ مَنْ أَنْزَلَهُ أَوْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ. وَاتَّضَحَ بِمَا قُلْنَا وَوَصَفْنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِذَا كَانَ لِسَانُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَبِيًّا، فَبَيِّنٌ أَنَّ الْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ، وَبِذَلِكَ أَيْضًا نَطَقَ مُحْكَمُ تَنْزِيلِ رَبِّنَا، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: ٢]، وَقَالَ: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٣]. وَإِذَا كَانَتْ وَاضِحَةً صِحَّةُ مَا قُلْنَا، بِمَا عَلَيْهِ اسْتَشْهَدْنَا مِنَ الشَّوَاهِدِ وَدَلَّلْنَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّلَائِلِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَعَانِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُوَافِقَةً، وَظَاهِرُهُ لِظَاهِرِ كَلَامِهَا مُلَائِمًا، وَإِنْ بَايَنَهُ كِتَابُ اللَّهِ بِالْفَضِيلَةِ الَّتِي فَضَلَ بِهَا سَائِرَ الْكَلَامِ وَالْبَيَانِ بِمَا قَدْ تَقَدَّمَ وَصْفُنَا. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ فَبَيِّنٌ - إِذْ كَانَ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِيجَازُ وَالِاخْتِصَارُ، وَالِاجْتِزَاءُ بِالْإِخْفَاءِ مِنَ الْإِظْهَارِ، وَبِالْقِلَّةِ مِنَ الْإِكْثَارِ، فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَاسْتِعْمَالُ الْإِطَالَةِ وَالْإِكْثَارِ، وَالتَّرْدَادِ وَالتَّكْرَارِ، وَإِظْهَارُ الْمَعَانِي بِالْأَسْمَاءِ دُونَ الْكِنَايَةِ عَنْهَا، وَالْإِسْرَارُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَالْخَبَرُ عَنِ الْخَاصِّ فِي الْمُرَادِ بِالْعَامِّ الظَّاهِرِ، وَعَنِ الْعَامِّ فِي الْمُرَادِ بِالْخَاصِّ الظَّاهِرِ، وَعَنِ الْكِنَايَةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْمُصَرَّحُ، وَعَنِ