فَهَذِهِ أَوْجُهُ تَأْوِيلِ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] بِاخْتِلَافِ أَوْجُهِ إِعْرَابِ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا اعْتَرَضْنَا بِمَا اعْتَرَضْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَيَانِ وُجُوهِ إِعْرَابِهِ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْكَشْفَ عَنْ تَأْوِيلِ آيِ الْقُرْآنِ، لِمَا فِي اخْتِلَافِ وُجُوهِ إِعْرَابِ ذَلِكَ مِنَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ تَأْوِيلِهِ، فَاضْطَرَّتْنَا الْحَاجَةُ إِلَى كَشْفِ وُجُوهِ إِعْرَابِهِ، لِتَنْكَشِفَ لِطَالِبِ تَأْوِيلِهِ وُجُوهُ تَأْوِيلِهِ عَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَأْوِيلِهِ وَقِرَاءَتِهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِهِ وَقِرَاءَتِهِ عِنْدَنَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ قِرَاءَةُ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] بِخَفْضِ الرَّاءِ مِنْ غَيْرِ بِتَأْوِيلِ أَنَّهَا صِفَةٌ لِ ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] وَنَعْتٌ لَهُمْ؛ لِمَا قَدْ قَدَّمْنَا مِنَ الْبَيَانِ إِنْ شِئْتَ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِتَأْوِيلِ تَكْرَارِ صِرَاطِ كُلُّ ذَلِكَ صَوَابٌ حَسَنٌ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَمَنْ هَؤُلَاءِ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ أَمَرَنَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَسْأَلَتِهِ أَنْ لَا يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ؟ قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي تَنْزِيلِهِ فَقَالَ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة: ٦٠] فَأَعْلَمَنَا جَلَّ ذِكْرُهُ بِمَنِّهِ مَا أَحَلَّ بِهِمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ عَلَّمَنَا، مِنَّةً مِنْهُ عَلَيْنَا، وَجْهَ السَّبِيلِ إِلَى النَّجَاةِ، مِنْ أَنْ يَحِلَّ بِنَا مِثْلُ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ، وَرَأْفَةً مِنْهُ بِنَا. فَإِنْ قِيلَ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ أُولَاءِ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ وَذَكَرَ نَبَأَهُمْ فِي تَنْزِيلِهِ


الصفحة التالية
Icon