مَدْحٌ مُسْتَأْنَفٌ. وَالْآخَرُ: عَلَى أَنْ يُجْعَلَ الرَّافِعُ ذَلِكَ، وَالْكِتَابُ نَعْتٌ لِذَلِكَ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يُجْعَلَ تَابِعًا لِمَوْضِعِ ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] وَيَكُونَ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ٢] مَرْفُوعًا بِالْعَائِدِ فِي فِيهِ، فَيَكُونَ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢]. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ الم رَافَعَ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ٢] بِمَعْنَى: هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، ذَلِكَ الْكِتَابُ الَّذِي وَعَدْتُكَ أَنْ أُوحِيَهُ إِلَيْكَ. ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَسْرَعَ نَقْضَهُ، وَهَدَمَ مَا بَنَى فَأَسْرَعَ هَدْمَهُ، فَزَعَمَ أَنَّ الرَّفْعَ فِي هُدًى مِنْ وَجْهَيْنِ وَالنَّصْبَ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَأَنَّ أَحَدَ وَجْهِيِ الرَّفْعِ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ نَعْتًا لِذَلِكَ، وَالْهُدَى فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرٍ لِذَلِكَ كَأَنَّكَ قُلْتَ: ذَلِكَ لَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ: وَإِنْ جَعَلْتَ ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] خَبَرَهُ رَفَعْتَ أَيْضًا هُدًى بِجَعْلِهِ تَابِعًا لِمَوْضِعِ ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢] كَأَنَّهُ قَالَ: وَهَذَا كِتَابٌ هُدًى مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَأَمَّا أَحَدُ وَجْهَيِ النَّصْبِ، فَأَنْ تَجْعَلَ الْكِتَابَ خَبَرًا لِذَلِكَ وَتَنْصِبَ هُدًى عَلَى الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ هُدًى نَكِرَةٌ اتَّصَلَتْ بِمَعْرِفَةٍ وَقَدْ تَمَّ خَبَرُهَا فَتَنْصِبُهَا، لِأَنَّ النَّكِرَةَ لَا تَكُونُ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَةٍ، وَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَ هُدًى عَلَى الْقَطْعِ مِنَ


الصفحة التالية
Icon