حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] قَالَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ "
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: " سَأَلَنِي الْأَعْمَشُ عَنِ الْمُتَّقِينَ؟ قَالَ: فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ لِي: سُئِلَ عَنْهَا الْكَلْبِيُّ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ» قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى الْأَعْمَشِ، فَقَالَ: نَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ أَبُو حَفْصٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: " ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] هُمْ مَنْ نَعَتَهُمْ وَوَصَفَهُمْ فَأَثْبَتَ صِفَتَهُمْ فَقَالَ: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣] "
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] قَالَ: -[٢٣٩]- الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ وَيَعْمَلُونَ بِطَاعَتِي " وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] تَأْوِيلُ مَنْ وَصَفَ الْقَوْمَ بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ اتَّقَوُا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي رُكُوبِ مَا نَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبِهِ، فَتَجَنَّبُوا مَعَاصِيَهُ وَاتَّقَوْهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ فَأَطَاعُوهُ بِأَدَائِهَا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا وَصَفَهُمْ بِالتَّقْوَى فَلَمْ يَحْصُرْ تَقْوَاهُمْ إِيَّاهُ عَلَى بَعْضِ مَا هُوَ أَهْلٌ لَهُ مِنْهُمْ دُونَ بَعْضٍ. فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَحْصُرَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى وَصْفِهِمْ بِشَيْءٍ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دُونَ شَيْءِ إِلَّا بِحَجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَةِ الْقَوْمِ لَوْ كَانَ مَحْصُورًا عَلَى خَاصٍّ مِنْ مَعَانِي التَّقْوَى دُونَ الْعَامِ مِنْهَا لَمْ يَدَعِ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيَانَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ، إِمَّا فِي كِتَابِهِ، وَإِمَّا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْلِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحَالَةِ وَصْفِهِمْ بِعُمُومِ التَّقْوَى. فَقَدْ تَبَيَّنَ إِذًا بِذَلِكَ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ: الَّذِينَ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وَبَرَءُوا مِنَ النِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ فَاسِقٌ غَيْرُ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ. إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ مَعْنَى النِّفَاقِ رُكُوبَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَضْيِيعَ فَرَائِضِهِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ كَانَتْ تُسَمِّي مَنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مُنَافِقًا، فَيَكُونُ، -[٢٤٠]- وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا فِي تَسْمِيَتِهِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ بِهَذَا الِاسْمِ، مُصِيبًا تَأْوِيلَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُتَّقِينَ