كَمَا حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥] أَيْ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِمْ، وَاسْتِقَامَةٍ عَلَى مَا جَاءَهُمْ "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] أَيْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُنْجِحُونَ الْمُدْرِكُونَ مَا طَلَبُوا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِأَعْمَالِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، مِنَ الْفَوْزِ بِالثَّوَابِ، وَالْخُلُودِ فِي الْجِنَانِ، وَالنَّجَاةِ مِمَّا أَعَدَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَعْدَائِهِ مِنَ الْعِقَابِ
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] أَيِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا مَا طَلَبُوا وَنَجَوْا مِنْ شَرِّ مَا مِنْهُ هَرَبُوا " وَمِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ أَحَدَ مَعَانِي الْفَلَاحِ إِدْرَاكُ الطَّلْبَةِ وَالظَّفَرُ بِالْحَاجَةِ قَوْلُ لَبِيدِ -[٢٥٧]- بْنِ رَبِيعَةَ:
[البحر الرمل]

اعْقِلِي إِنْ كُنْتِ لَمَّا تَعْقِلِي وَلَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ كَانَ عَقَلَ
يَعْنِي ظَفَرَ بِحَاجَتِهِ وَأَصَابَ خَيْرًا. وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز]
عَدِمْتُ أُمًّا وَلَدَتْ رَبَاحَا جَاءَتْ بِهِ مُفَرْكَحًا فِرْكَاحَا
تَحْسَبُ أَنْ قَدْ وَلَدَتْ نَجَاحَا أَشْهَدُ لَا يَزِيدُهَا فَلَاحَا
يَعْنِي خَيْرًا وَقُرْبًا مِنْ حَاجَتِهَا. وَالْفَلَاحُ: مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِكَ: أَفْلَحَ فُلَانٌ يُفْلِحُ إِفْلَاحًا، وَفَلَاحًا، وَفَلَحًا. وَالْفَلَاحُ أَيْضًا الْبَقَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
[البحر الطويل]
نَحُلُّ بِلَادًا كُلَّهَا حُلَّ قَبْلَنَا وَنَرْجُو الْفَلَاحَ بَعْدَ عَادٍ وَحِمْيَرِ
يُرِيدُ الْبَقَاءَ. وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ عُبَيْدٍ:
[البحر البسيط]
أَفْلِحْ بِمَا شِئْتَ فَقَدْ يَبْلُغُ بِالضَّ عْفِ وَقَدْ يُخْدَعُ الْأَرِيبُ
يُرِيدُ: عِشْ وَابْقَ بِمَا شِئْتَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ -[٢٥٨]-:
[البحر الكامل]
وَكُلُّ فَتًى سَتَشْعَبُهُ شَعُوبٌ وَإِنْ أَثْرَى وَإِنْ لَاقَى فَلَاحَا
أَيْ نَجَاحًا بِحَاجَتِهِ وَبَقَاءً


الصفحة التالية
Icon