عَنْ مَرَضِ الْقَلْبِ أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ مَرَضُ مَا هُمْ مُعْتَقِدُوهُ مِنَ الِاعْتِقَادِ اسْتَغْنَى بِالْخَبَرِ عَنِ الْقَلْبِ بِذَلِكَ، وَالْكِنَايَةُ عَنْ تَصْرِيحِ الْخَبَرِ عَنْ ضَمَائِرِهِمْ وَاعْتِقَادَاتِهِمْ؛ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ لَجَأٍ:
[البحر الكامل]
وَسَبَّحَتِ الْمَدِينَةُ لَا تَلُمْهَا | رَأَتْ قَمَرًا بِسُوقِهِمُ نَهَارَا |
يُرِيدُ وَسَبَّحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. فَاسْتَغْنَى بِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ خَبَرَهُ بِالْخَبَرِ عَنِ الْمَدِينَةِ عَنِ الْخَبَرِ عَنْ أَهْلِهَا. وَمِثْلُهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيِّ:
[البحر الكامل]
هَلَّا سَأَلْتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكِ | إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي |
يُرِيدُ: هَلَّا سَأَلْتِ أَصْحَابَ الْخَيْلِ؟ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، يُرَادُ: يَا أَصْحَابَ خَيْلِ اللَّهِ ارْكَبُوا. وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا كِتَابٌ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ. فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠] إِنَّمَا يَعْنِي فِي اعْتِقَادِ قُلُوبِهِمُ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ فِي الدِّينِ وَالتَّصْدِيقِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَرَضٌ وَسَقَمُ. فَاجْتَزَأَ بِدَلَالَةِ الْخَبَرِ عَنْ قُلُوبِهِمْ عَلَى مَعْنَاهُ عَنْ تَصْرِيحِ الْخَبَرِ عَنِ اعْتِقَادِهِمْ. وَالْمَرَضُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ فِي اعْتِقَادِ قُلُوبِهِمُ الَّذِي وَصَفْنَاهُ هُوَ شَكُّهُمْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَتَحَيُّرِهِمْ فِيهِ، فَلَا هُمْ بِهِ مُوقِنُونَ إِيقَانَ إِيمَانٍ، وَلَا هُمْ لَهُ مُنْكَرُونَ إِنْكَارَ إِشْرَاكٍ؛ وَلَكِنَّهُمْ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ