مِنْ وَجْهَيْنِ، وَالنَّصْبُ مِنْ وَجْهَيْنِ. فَأَمَّا أَحَدُ وَجْهَيِ الرَّفْعِ، فَعَلَى الِاسْتِئْنَافِ لِمَا فِيهِ مِنَ الذَّمِّ، وَقَدْ تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ، فَتَنْصِبُ وَتَرْفَعُ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ مَعْرِفَةٍ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر السريع]
لَا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ | سُمُّ الْعُدَاةِ وَآفَةُ الْجُزْرِ |
النَّازِلِينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ | وَالطَّيِّبِينَ مَعَاقِدَ الْأُزُرِ |
فَيُرْوَى: النَّازِلُونَ وَالنَّازِلِينَ؛ وَكَذَلِكَ الطَّيِّبُونَ وَالطَّيِّبِينَ، عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنَ الْمَدْحِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ عَلَى نِيَّةِ التَّكْرِيرِ مِنْ أُولَئِكَ، فَيَكُونُ الْمَعْنِيُّ حِينَئِذٍ:
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٦] أُولَئِكَ
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨]. وَأَمَّا أَحَدُ وَجْهَيِ النَّصْبِ، فَأَنْ يَكُونَ قَطْعًا مِمَّا فِي مُهْتَدِينَ، مِنْ ذِكْرِ أُولَئِكَ، لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ ذِكْرِهِمْ مَعْرِفَةٌ، وَالصُّمُّ نَكِرَةٌ. وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ قَطْعًا مِنَ الَّذِينَ، لِأَنَّ الَّذِينَ مَعْرِفَةٌ وَالصُّمُّ نَكِرَةٌ. وَقَدْ يَجُوزُ النَّصْبُ فِيهِ أَيْضًا عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَجْهًا مِنَ النَّصْبِ ثَالِثًا. فَأَمَّا عَلَى تَأْوِيلِ مَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ رِوَايَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الِاسْتِئْنَافُ. وَأَمَّا النَّصْبُ فَقَدْ