السَّحَابُ لَا يُمَاصِعُ الْمَلَكَ، وَإِنَّمَا الرَّعْدُ هُوَ الْمُمَاصِعُ لَهُ، فَجَعَلَهُ مَصْدَرًا مِنْ مَصَعَهُ يَمْصَعُهُ مَصْعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي مَعْنَى الصَّاعِقَةِ مَا قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فِيمَا مَضَى. وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْآيَةِ، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ. فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ
أَحَدُهَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ [البقرة: ١٩] أَيْ هُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْحَذَرِ مِنَ الْقَتْلِ، عَلَى الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخِلَافِ وَالتَّخْوفِ مِنْكُمْ، عَلَى مِثْلِ مَا وَصَفَ مِنَ الَّذِي هُوَ فِي ظُلْمَةِ الصَّيِّبِ، فَجَعَلَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٠] أَيْ لِشِدَّةِ ضَوْءِ الْحَقِّ ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ [البقرة: ٢٠] أَيْ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَيَتَكَلَّمُونَ بِهِ، فَهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ بِهِ عَلَى اسْتِقَامَةٍ، فَإِذَا ارْتَكَسُوا مِنْهُ إِلَى الْكُفْرِ قَامُوا مُتَحَيِّرِينَ "