وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢]، يَقُولُ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا نِدَّ لَهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَحْسِبُ أَنَّ الَّذِيَ دَعَا مُجَاهِدًا إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَإِضَافَةِ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِأَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ دُونَ غَيْرِهِمْ، الظَّنُّ مِنْهُ بِالْعَرَبِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهَا وَرَازِقُهَا بِجُحُودِهَا وَحْدَانِيَّةَ رَبِّهَا، وَإِشْرَاكِهَا مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ غَيْرَهُ. وَإِنَّ ذَلِكَ لَقَوْلٌ، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّةٍ، غَيْرَ أَنَّهَا كَانَتْ تُشْرِكُ فِي عِبَادَتِهِ مَا كَانَتْ تُشْرِكُ فِيهَا، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، وَقَالَ: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٣١]. فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢] إِذْ كَانَ مَا كَانَ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الْعِلْمِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ مُبْدِعُ الْخَلْقِ وَخَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ، نَظِيرَ الَّذِي كَانَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ. وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢] أَحَدَ الْحِزْبَيْنِ، بَلْ مَخْرَجُ الْخِطَابِ بِذَلِكَ عَامٌ لِلنَّاسِ كَافَّةً لَهُمْ، لِأَنَّهُ تَحَدَّى النَّاسَ كُلَّهُمْ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ