الَّذِي أَرَادَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ مِنْ قَوْلِهِ:
فَإِذَا وَذَلِكَ لَا مَهَاهَ لِذِكْرِهِ
وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَمَا مَضَى مِنْ عَيْشِنَا. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهُ مِنْ عَيْشِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَامَهَاهَ لِذِكْرِهِ، يَعْنِي لَا طَعْمَ لَهُ وَلَا فَضْلَ، لِإِعْقَابِ الدَّهْرِ صَالِحَ ذَلِكَ بِفَسَادٍ. وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ رِبْعٍ:

حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قَتَائِدَةٍ شَلًّا كَمَا تَطْرُدُ الْجَمَّالَةُ الشُّرُدَا
لَوْ أُسْقِطَ مِنْهُ إِذَا بَطَلَ مَعْنَى الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قَتَائِدَةٍ سَلَكُوا شَلًّا. فَدَلَّ قَوْلُهُ: أَسْلَكُوهُمْ شَلًّا عَلَى مَعْنَى الْمَحْذُوفِ، فَاسْتُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ بِدَلَالَةِ إِذَا عَلَيْهِ، فَحُذِفَ. كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا عَلَى مَا تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ، وَكَمَا قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
[البحر المتقارب]
فَإِنَّ الْمَنِيَّةَ مَنْ يَخْشَهَا فَسَوْفَ تُصَادِفُهُ أَيْنَمَا
وَهُوَ يُرِيدُ: أَيْنَمَا ذَهَبَ. وَكَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: أَتَيْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ؛ تُرِيدُ:


الصفحة التالية
Icon