عُقُوبَتِهِ؛ وَمُعَرِّفُهُمْ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ تَعَطُّفُهِ عَلَى التَّائِبِ مِنْهُمُ اسْتِعْتَابًا مِنْهُ لَهُمْ. فَكَانَ مِمَّا عَدَّدَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، أَنَّهُ خَلَقَ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَسَخَّرَ لَهُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ مِنْ شَمْسِهَا وَقَمَرِهَا وَنُجُومِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِهَا الَّتِي جَعَلَهَا لَهُمْ وَلِسَائِرِ بَنِي آدَمَ مَعَهُمْ مَنَافِعَ، فَكَانَ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: ٢٨] مَعْنَى: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ، إِذْ خَلَقْتُكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا، وَخَلَقْتُ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَسَوَّيْتُ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاءِ. ثُمَّ عَطَفَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ﴾ [البقرة: ٣٠] عَلَى الْمَعْنَى الْمُقْتَضَى بِقَوْلِهِ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨] إِذْ كَانَ مُقْتَضِيًا مَا وَصَفْتُ مِنْ قَوْلِهِ: اذْكُرُوا نِعْمَتِي إِذْ فَعَلْتُ بِكُمْ وَفَعَلْتُ، وَاذْكُرُوا فِعْلِي بِأَبِيكُمْ آدَمَ، إِذْ قُلْتُ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ نَظِيرٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ نَعْلَمُ بِهِ صِحَّةَ مَا قُلْتَ؟ قِيلَ: نَعَمْ، أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]
أَجِدِّكَ لَنْ تَرَى بِثُعَيْلَبَاتٍ | وَلَا بَيْدَانَ نَاجِيَةً ذَمُولَا |