حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: " هُوَ قَوْلُهُ: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] " وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الَّتِي حَكَيْنَاهَا عَمَّنْ حَكَيْنَاهَا عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْأَلْفَاظِ، فَإِنَّ مَعَانِيهَا مُتَّفِقَةٌ فِي أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَقَّى آدَمَ كَلِمَاتٍ، فَتَلَقَّاهُنَّ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ فَقَبِلَهُنَّ وَعَمِلَ بِهِنَّ وَتَابَ بِقِيلِهِ إِيَّاهُنَّ وَعَمَلِهِ بِهِنَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ خَطِيئَتِهِ، مُعْتَرِفًا بِذَنَبِهِ مُتَنَصِّلًا إِلَى رَبِّهِ مِنْ خَطِيئَتِهِ، نَادِمََا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ خِلَافِ أَمْرِهِ. فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِقَبُولِهِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهُنَّ مِنْهُ وَنَدَمِهِ عَلَى سَالِفِ الذَّنْبِ مِنْهُ. وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ أَنَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهُنَّ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ هُنَّ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَهَا مُتَنَصِّلًا بِقِيلِهَا إِلَى رَبِّهِ مُعْتَرِفًا بِذَنَبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ٢٣] وَلَيْسَ مَا قَالَهُ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا هَذَا مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا بِمَدْفُوعٍ قَوْلُهُ، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لَا شَاهِدَ عَلَيْهِ مِنْ حُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا فَيَجُوزُ لَنَا إِضَافَتُهُ إِلَى آدَمَ، وَأَنَّهُ مِمَّا تَلَقَّاهُ مِنْ رَبِّهِ عِنْدَ إِنَابَتِهِ إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبِهِ. وَهَذَا الْخَبَرُ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ آدَمَ مِنْ قِيلِهِ الَّذِي لَقَّاهُ إِيَّاهُ فَقَالَهُ تَائِبًا إِلَيْهِ مِنْ خَطِيئَتِهِ، تَعْرِيفٌ مِنْهُ جَلَّ ذِكْرُهُ جَمِيعَ الْمُخَاطَبِينَ بِكِتَابِهِ كَيْفِيَّةَ التَّوْبَةِ إِلَيْهِ مِنَ -[٥٨٧]- الذُّنُوبِ، وَتَنْبِيهٌ لِلْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨] عَلَى مَوْضِعِ التَّوْبَةِ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَأَنَّ خَلَاصَهُمْ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الضَّلَالَةِ نَظِيرُ خَلَاصِ أَبِيهِمْ آدَمَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مَعَ تَذْكِيرِهِ إِيَّاهُمْ مِنَ السَّالِفِ إِلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي خَصَّ بِهَا أَبَاهُمْ آدَمَ وَغَيْرَهُ مِنْ آبَائِهِمْ