وَيُعَرِّفُونَكُمْ أَدِلَّتِي وَأَعْلَامِي عَلَى صِدْقِ مَا جَاءُوكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي، وَحَقِيقَةِ مَا دَعَوْكُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِي. ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ [الأعراف: ٣٥] يَقُولُ: فَمَنْ آمَنَ مِنْكُمْ بِمَا أَتَاهُ بِهِ رُسُلِي مِمَّا قَصَّ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِي وَصَدَّقَ وَاتَّقَى اللَّهَ، فَخَافَهُ بِالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ، عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ. ﴿وَأَصْلَحَ﴾ [المائدة: ٣٩] يَقُولُ: وَأَصْلَحَ أَعْمَالَهُ الَّتِي كَانَ لَهَا مُفْسِدًا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ بِالتَّحَوُّبِ مِنْهَا. ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ٣٨] يَقُولُ: فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ إِذَا وَرَدُوا عَلَيْهِ. ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨] عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ دُنْيَاهُمُ الَّتِي تَرَكُوهَا، وَشَهَوَاتِهُمُ الَّتِي تَجَنَّبُوهَا، اتِّبَاعًا مِنْهُمْ لِنَهْيِ اللَّهِ عَنْهَا إِذَا عَايَنُوا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ مَا عَايَنُوا هُنَالِكَ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا هَيَّاجٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي سَيَّارٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ فِي كَفِّهِ، فَقَالَ: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف: ٣٥]، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الرُّسُلِ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٢]، ثُمَّ بَثَّهُمْ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأعراف: ٣٥] ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ: الْجَوَابِ مُضْمَرٌ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ [الأعراف: ٣٥]، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ: ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ [الأعراف: ٣٥] كَأَنَّهُ قَالَ: فَأَطِيعُوهُمْ.