حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، أَنَّهُ حَدَّثَ " أَنَّهُمْ، نَظَرُوا إِلَى الْهَضَبَةِ حِينَ دَعَا اللَّهَ صَالِحٌ بِمَا دَعَا بِهِ تَتَمَخَّضُ بِالنَّاقَةِ تَمَخُّضَ النَّتُوجِ بِوَلَدِهَا، فَتَحَرَّكَتِ الْهَضَبَةُ ثُمَّ أَسْقَطَتِ النَّاقَةَ، فَانْصَدَعَتْ عَنْ نَاقَةٍ كَمَا وَصَفُوا جَوْفَاءَ وَبَرَّاءَ نَتُوجٌ، مَا بَيْنَ جَنْبَيْهَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عِظَمًا. فَآمَنَ بِهِ جُنْدُعُ بْنُ عَمْرٍو وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى أَمْرِهِ مِنْ رَهْطِهِ، وَأَرَادَ أَشْرَافُ ثَمُودَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَيُصَدِّقُوا، فَنَهَاهُمْ ذَوَابُ بْنُ عَمْرِو بْنِ لَبِيدٍ، وَالْحُبَابُ -[٢٨٨]- صَاحِبُ أَوْثَانِهِمْ وَرَبَابُ بْنُ صَمْعَرَ بْنِ جَلْهَسَ، وَكَانُوا مِنْ أَشْرَافِ ثَمُودَ، وَرَدُّوا أَشْرَافَهَا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَالدُّخُولِ فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ صَالِحٌ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالنَّجَاةِ. وَكَانَ لِجُنْدُعٍ ابْنُ عَمٍّ يُقَالُ لَهُ شِهَابُ بْنُ خَلِيفَةَ بْنِ مَخْلَاةَ بْنِ لَبِيدِ بْنِ جَوَّاسٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ فَنَهَاهُ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَطَاعَهُمْ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ ثَمُودَ وَأَفَاضِلِهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ ثَمُودَ يُقَالُ لَهُ مِهْوَسُ بْنُ عَنَمَةَ بْنِ الدُّمَيْلِ، وَكَانَ مُسْلِمًا:
[البحر الوافر]
وَكَانَتْ عُصْبَةٌ مِنْ آلِ عَمْرٍو | إِلَى دِينِ النَّبِيِّ دَعَوْا شِهَابَا |
عَزِيزَ ثَمُودَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا | فَهَمَّ بِأَنْ يُجِيبَ وَلَوْ أَجَابَا |
لَأَصْبَحَ صَالِحًا فِينَا عَزِيزًا | وَمَا عَدَلُوا بِصَاحِبِهِمْ ذُؤَابَا |
وَلَكِنَّ الْغُوَاةَ مِنَ الِ حُجْرٍ | تَوَلَّوْا بَعْدَ رُشْدِهِمُ ذِئَابَا |
فَمَكَثَتِ النَّاقَةُ الَّتِي أَخْرَجَهَا اللَّهُ لَهُمْ مَعَهَا سَقْبُهَا فِي أَرْضِ ثَمُودَ تَرْعَى الشَّجَرَ وَتَشْرُبُ الْمَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةٌ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٧٣]، وَقَالَ اللَّهُ لِصَالِحٍ: إِنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ، كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضِرٌ، أَيْ أَنَّ الْمَاءَ نِصْفَانِ: لَهُمْ يَوْمٌ وَلَهَا يَوْمٌ وَهِيَ مُحْتَضِرَةٌ، فَيَوْمُهَا لَا تَدَعُ شِرْبَهَا، وَقَالَ
﴿لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥]، فَكَانَتْ فِيمَا بَلَغَنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا وَرَدَتْ وَكَانَتْ تَرِدُ غِبًّا وَضَعَتْ رَأْسَهَا فِي بِئْرٍ فِي الْحِجْرِ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ النَّاقَةِ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا مِنْهَا كَانَتْ تَشْرَبُ، إِذَا وَرَدَتْ تَضَعُ رَأْسَهَا فِيهَا، فَمَا تَرْفَعُهُ حَتَّى تَشْرَبَ كُلَّ قَطْرَةِ مَاءٍ فِي الْوَادِي، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَهَا فَتَفَشَّجُ، يَعْنِي -[٢٨٩]- تَفَحَّجُ لَهُمْ، فَيَحْتَلِبُونَ مَا شَاءُوا مِنْ لَبَنٍ، فَيَشْرَبُونَ وَيَدَّخِرُونَ حَتَّى يَمْلَئُوا كُلَّ آنِيَتِهِمْ، ثُمَّ تَصْدُرُ مِنْ غَيْرِ الْفَجِّ الَّذِي مِنْهُ وَرَدَتْ، لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَصْدُرَ مِنْ حَيْثِ تَرِدُ لِضِيقِهِ عَنْهَا، فَلَا تَرْجِعُ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ كَانَ يَوْمُهُمْ، فَيَشْرَبُونَ مَا شَاءُوا مِنَ الْمَاءِ، وَيَدَّخِرُونَ مَا شَاءُوا لِيَوْمِ النَّاقَةِ، فَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي سَعَةٍ. وَكَانَتِ النَّاقَةُ فِيمَا يَذْكُرُونَ تَصِيفُ إِذَا كَانَ الْحَرُّ بِظَهْرِ الْوَادِي، فَتَهْرَبُ مِنْهَا الْمَوَاشِي أَغْنَامُهُمْ وَأَبْقَارُهُمْ وَإِبِلُهُمْ، فَتَهْبِطُ إِلَى بَطْنِ الْوَادِي فِي حَرِّهِ وَجَدْبِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوَاشِيَ تَنْفِرُ مِنْهَا إِذَا رَأَتْهَا، وَتَشْتَوِ فِي بَطْنِ الْوَادِي إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ، فَتَهْرَبُ مَوَاشِيهِمْ إِلَى ظَهْرِ الْوَادِي فِي الْبَرْدِ وَالْجَدْبِ، فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِمَوَاشِيهِمْ لِلْبَلَاءِ وَالِاخْتِبَارِ. وَكَانَتْ مَرَاتِعُهَا فِيمَا يَزْعُمُونَ الْجِنَابَ وَحِسْمَى، كُلُّ ذَلِكَ تَرْعَى مَعَ وَادِي الْحِجْرِ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَأَجْمَعُوا فِي عَقْرِ النَّاقَةِ رَأْيَهُمْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ثَمُودَ يُقَالُ لَهَا عُنَيْزَةُ بِنْتُ غَنْمِ بْنِ مِجْلَزٍ، تُكَنَّى بِأُمِّ غَنْمٍ، وَهِيَ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ الْمُهِلِّ أَخِي دُمَيْلِ بْنِ الْمُهِلِّ، وَكَانَتِ امْرَأَةَ ذُوَابَ بْنِ مْرٍو، وَكَانَتْ عَجُوزًا مُسِنَّةً، وَكَانَتْ ذَاتَ بَنَاتٍ حِسَانٍ، وَكَانَتْ ذَاتَ مَالٍ مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، وَامْرَأَةٌ أُخْرَى يُقَالُ لَهَا: صَدُوفُ بِنْتُ الْمَحْيَا بْنِ زُهَيْرِ بْنِ الْمُحَيَّا -[٢٩٠]- سَيِّدِ بَنِي عُبَيْدٍ وَصَاحِبِ أَوْثَانِهِمْ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ. وَكَانَ الْوَادِي يُقَالُ لَهُ: وَادِي الْمَحْيَا، وَهُوَ الْمَحْيَا الْأَكْبَرُ جَدُّ الْمَحْيَا الْأَصْغَرِ أَبِي صَدُوفٍ. وَكَانَتْ صَدُوفٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، وَكَانَتْ غَنِيَّةً ذَاتَ مَالٍ مِنْ إِبِلٍ وَغَنَمٍ وَبَقَرٍ، وَكَانَتَا مِنْ أَشَدِّ امْرَأَتَيْنِ فِي ثَمُودَ عَدَاوَةً لِصَالِحٍ وَأَعْظَمِهِمْ بِهِ كُفْرًا، وَكَانَتَا تُحِبَّانِ أَنْ تُعْقَرَ النَّاقَةُ مَعَ كُفْرِهِمَا بِهِ لِمَا أَضَرَّتْ بِهِ مِنْ مَوَاشِيهِمَا. وَكَانَتْ صَدُوفٌ عِنْدَ ابْنِ خَالٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ صَنْتَمُ بْنُ هِرَاوَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ النِّطْرِيفِ مِنْ بَنِي هُلَيْلٍ، فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَتْ صَدُوفٌ قَدْ فَوَّضَتْ إِلَيْهِ مَالَهَا، فَأَنْفَقَهُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ صَالِحٍ حَتَّى رَقَّ الْمَالُ. فَاطَّلَعَتْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ إِسْلَامِهِ صَدُوفٌ، فَعَاتَبَتْهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَظْهَرَ لَهَا دِينَهُ وَدَعَاهَا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَبَتْ عَلَيْهِ، وَسَبَتْ وَلَدَهُ، فَأَخَذَتْ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ مِنْهُ فَغَيَّبَتْهُمْ فِي بَنِي عُبَيْدٍ بَطْنِهَا الَّذِي هِيَ مِنْهُ. وَكَانَ صَنْتَمُ زَوْجُهَا مِنْ بَنِي هُلَيْلٍ، وَكَانَ ابْنَ خَالِهَا، فَقَالَ لَهَا: رُدِّي عَلَيَّ وَلَدِي، فَقَالَتْ: حَتَّى أُنَافِرَكَ إِلَى بَنِي صَنْعَانَ بْنِ عُبَيْدٍ أَوْ إِلَى بَنِي جُنْدُعِ بْنِ عُبَيْدٍ. فَقَالَ لَهَا صَنْتَمُ: بَلْ أَنَا أَقُولُ إِلَى بَنِي مِرْدَاسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَذَلِكَ أَنَّ بَنِيَ مِرْدَاسَ بْنِ عُبَيْدٍ كَانُوا قَدْ سَارَعُوا فِي الْإِسْلَامِ وَأَبْطَأَ عَنْهُ الْآخَرُونَ، فَقَالَتْ: لَا أُنَافِرُكَ إِلَّا إِلَى مَنْ دَعَوْتُكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ بَنُو مِرْدَاسَ: وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنَّهُ وَلَدَهُ طَائِعَةً أَوْ كَارِهَةً، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَعْطَتْهُ إِيَّاهُمْ. -[٢٩١]- ثُمَّ إِنَّ صَدُوفَ وَعُنَيْزَةَ تَحَيَّلَا فِي عَقْرِ النَّاقَةِ لِلشَّقَاءِ الَّذِي نَزَلَ، فَدَعَتْ صَدُوفُ رَجُلًا مِنْ ثَمُودَ يُقَالُ لَهُ الْحُبَابُ، لِعَقْرِهِ النَّاقَةَ، وَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا بِذَلِكَ إِنْ هُوَ فَعَلَ، فَأَبَى عَلَيْهَا. فَدَعَتِ ابْنَ عَمٍّ لَهَا يُقَالُ مِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجَ بْنِ الْمَحْيَا، وَجَعَلَتْ لَهُ نَفْسَهَا عَلَى أَنْ يَعْقِرَ النَّاقَةَ، وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ. وَكَانَتْ غَنِيَّةً كَثِيرَةَ الْمَالِ، فَأَجَابَهَا إِلَى ذَلِكَ. وَدَعَتْ عُنَيْزَةُ بِنْتُ غَنْمٍ قِدَارَ بْنَ سَالِفِ بْنِ جُنْدُعٍ، رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قُرْحَ. وَكَانَ قِدَارُ رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ قَصِيرًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ لِزَنْيَةٍ مِنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ صِهْيَادُ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ سَالِفٍ الَّذِي يُدْعَى إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ سَالِفٍ، وَكَانَ يُدْعَى لَهُ وَيُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: أُعْطِيكَ أَيَّ بَنَاتِي شِئْتَ عَلَى أَنْ تَعْقِرَ النَّاقَةَ، وَكَانَتْ عُنَيْزَةُ شَرِيفَةً مِنْ نِسَاءِ ثَمُودَ، وَكَانَ زَوْجُهَا ذُؤَابُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ أَشْرَافِ رِجَالِ ثَمُودَ. وَكَانَ قِدَارٌ عَزِيزًا مَنِيعًا فِي قَوْمِهِ. فَانْطَلَقَ قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ وَمِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجٍ، فَاسْتَنْفَرَا غُوَاةً مِنْ ثَمُودَ، فَاتَّبَعَهُمَا سَبْعَةُ نَفَرٍ، فَكَانُوا تِسْعَةَ نَفَرٍ، أَحَدُ النَّفْرِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ هُوَيْلُ بْنُ مَيْلَغٍ خَالُ قِدَارِ بْنِ سَالِفٍ أَخُو أُمِّهِ لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا، وَكَانَ عَزِيزًا مِنْ أَهْلِ حِجْرٍ، وَدُعَيْرُ بْنُ غَنْمِ بْنِ دَاعِرٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي حَلَاوَةَ بْنِ الْمُهِلِّ. وَدَأْبُ بْنُ مِهْرَجٌ أَخُو مِصْدَعِ بْنِ مِهْرَجٍ، وَخَمْسَةٌ لَمْ تُحْفَظْ لَنَا -[٢٩٢]- أَسْمَاؤُهُمْ. فَرَصَدُوا النَّاقَةَ حِينَ صَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ، وَقَدْ كَمَنْ لَهَا قِدَارُ فِي أَصْلِ صَخْرَةٍ عَلَى طَرِيقِهَا، وَكَمَنَ لَهَا مِصْدَعٌ فِي أَصْلِ أُخْرَى، فَمَرَّتْ عَلَى مِصْدَعٍ فَرَمَاهَا بِسَهْمٍ، فَانْتَظَمَ بِهِ عَضَلَةُ سَاقِهَا. وَخَرَجَتْ أُمُّ غَنْمٍ عُنَيْزَةُ وَأَمَرَتِ ابْنَتَهَا وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا. فَأَسْفَرَتْ عَنْهُ لِقِدَارٍ وَأَرَتْهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ ذَمَّرَتْهُ، فَشَدَّ عَلَى النَّاقَةِ بِالسَّيْفِ، فَكَشَفَ عُرْقُوبَهَا، فَخَرَّتْ وَرَغَّتْ رَغَاةً وَاحِدَةً تَحْذَرُ سَقْبَهَا. ثُمَّ طَعَنَ فِي لَبَنِهَا فَنَحَرَهَا. وَانْطَلَقَ سَقْبُهَا حَتَّى أَتَى جَبَلًا مَنِيعًا، ثُمَّ أَتَى صَخْرَةً فِي رَأْسِ الْجَبَلِ فَرَغَا وَلَاذَ بِهَا وَاسْمُ الْجَبَلِ فِيمَا يَزْعُمُونَ صَوْرٌ فَأَتَاهُمْ صَالِحٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّاقَةَ قَدْ عُقِرَتْ قَالَ: انْتَهَكْتُمْ حُرْمَةَ اللَّهِ، فَأَبْشِرُوا بِعَذَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَنِقْمَتِهِ فَاتَّبَعَ السَّقْبَ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنَ التِّسْعَةِ الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَةَ، وَفِيهِمْ مِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجٍ، فَرَمَاهُ مِصْدَعٌ بِسَهْمٍ، فَانْتَظَمَ قَلْبَهُ، ثُمَّ جَرَّ بِرِجْلِهِ فَأَنْزَلَهُ، ثُمَّ أَلْقَوْا لَحْمَهُ مَعَ لَحْمِ أُمِّهِ. فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: أَبْشِرُوا بِعَذَابِ اللَّهِ وَنِقْمَتِهِ، قَالُوا لَهُ وَهُمْ يَهْزَء