حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: " ﴿أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٤٣] قَالَ: أَعْطِنِي "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " اسْتَخْلَفَ مُوسَى هَارُونَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ: إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى رَبِّي، فَاخْلُفْنِي فِي قَوْمِي، وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ، فَخَرَجَ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ مُتَعَجِّلًا لِلُقِيِّهِ شَوْقًا إِلَيْهِ، وَأَقَامَ هَارُونُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَعَهُ السَّامِرِيُّ يَسِيرُ بِهِمْ عَلَى أَثَرِ مُوسَى لِيُلْحِقَهُمْ بِهِ. فَلَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى، طَمِعَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِمُوسَى: إِنَّكَ ﴿لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣] الْآيَةَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَهَذَا مَا وَصَلَ إِلَيْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَنْ خَبَرِ مُوسَى لَمَّا طَلَبَ النَّظَرَ إِلَى رَبِّهِ. وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ وَأَهْلُ التَّوْرَاةِ أَنْ قَدْ كَانَ لِذَلِكَ تَفْسِيرٌ وَقِصَّةٌ وَأُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَمُرَاجَعَةٌ لَمْ تَأْتِنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَوَّلِ بِأَحَادِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ: إِنَّهُمْ يَجِدُونَ فِي تَفْسِيرِ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ خَبَرِ مُوسَى حِينَ طَلَبَ ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِهِ إِيَّاهُ حِينَ طَمِعَ فِي رُؤْيَتِهِ، وَطَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ رَبُّهُ مِنْهُ مَا رَدَّ، أَنَّ -[٤٢١]- مُوسَى كَانَ تَطَهَّرَ وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ وَصَامَ لِلِقَاءِ رَبِّهِ فَلَمَّا أَتَى طُورَ سَيْنَاءَ، وَدَنَا اللَّهُ لَهُ فِي الْغَمَامِ فَكَلَّمَهُ، سَبَّحَهُ وَحَمِدَهُ وَكَبَّرَهُ وَقَدَّسَهُ، مَعَ تَضَرُّعٍ وَبُكَاءٍ حَزِينٍ، ثُمَّ أَخَذَ فِي مِدْحَتِهِ، فَقَالَ: رَبِّ مَا أَعْظَمَكَ وَأَعْظَمَ شَأْنَكَ كُلَّهُ، مِنْ عَظَمَتِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ قَبْلِكَ، فَأَنْتَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، كَأَنَّ عَرْشَكَ تَحْتَ عَظَمَتِكَ نَارٌ تُوقَدُ لَكَ، وَجَعَلْتَ سُرَادِقَ مِنْ دُونِهِ سُرَادِقُ مِنْ نُورٍ، فَمَا أَعْظَمَكَ رَبِّ، وَأَعْظَمَ مُلْكَكَ، جَعَلْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَلَائِكَتِكَ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، فَمَا أَعْظَمَكَ رَبِّ وَأَعْظَمَ مُلْكَكَ فِي سُلْطَانِكَ، فَإِذَا أَرَدْتَ شَيْئًا تَقْضِيهِ فِي جُنُودِكَ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، أَوِ الَّذِينَ فِي الْأَرْضِ، وَجُنُودِكَ الَّذِينَ فِي الْبَحْرِ، بَعَثْتَ الرِّيحَ مِنْ عِنْدَكِ لَا يَرَاهَا شَيْءٌ مِنْ خَلْقِكَ إِلَّا أَنْتَ إِنْ شِئْتَ، فَدَخَلَتْ فِي جَوْفِ مَنْ شِئْتَ مِنْ أَنْبِيَائِكَ، فَبَلَغُوا لِمَا أَرَدْتَ مِنْ عِبَادِكَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ مَلَائِكَتِكَ يَسْتَطِيعُ شَيْئًا مِنْ عَظَمَتِكَ، وَلَا مِنْ عَرْشِكَ، وَلَا يَسْمَعُ صَوْتَكَ، فَقَدْ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ، وَأَعْظَمْتَ عَلَيَّ فِي الْفَضْلِ، وَأَحْسَنْتَ إِلَيَّ كُلَّ الْإِحْسَانِ، عَظَّمْتَنِي فِي أُمَمِ الْأَرْضِ، وَعَظَّمْتَنِي عِنْدَ مَلَائِكَتِكَ، وَأَسْمَعْتَنِي صَوْتَكَ، وَبَذَلْتَ لِي كَلَامَكَ، وَآتَيْتَنِي حِكْمَتَكَ، فَإِنْ أَعُدَّ نُعْمَاكَ لَا أُحْصِيهَا، وَإِنْ أَرَدْتُ شُكْرَكَ لَا أَسْتَطِيعُهَا. دَعَوْتُكَ رَبِّ عَلَى فِرْعَوْنَ بِالْآيَاتِ -[٤٢٢]- الْعِظَامِ، وَالْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ، فَضَرَبْتُ بِعَصَايَ الَّتِي فِي يَدِي الْبَحْرَ، فَانْفَلَقَ لِي وَلِمَنْ مَعِي، وَدَعَوْتُكَ حِينَ جُزْتُ الْبَحْرَ، فَأَغْرَقْتَ عَدُوَّكَ وَعَدُوِّي، وَسَأَلْتُكَ الْمَاءَ لِي وَلِأُمَّتِي، فَضَرَبْتُ بِعَصَايَ الَّتِي فِي يَدِي الْحَجَرَ، فَمِنْهُ أَرْوَيْتَنِي وَأُمَّتِي، وَسَأَلْتُكَ لِأُمَّتِي طَعَامًا لَمْ يَأْكُلْهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُمْ، فَأَمَرْتَنِي أَنْ أَدْعُوكَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَمِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ. فَنَادَيْتُكَ مِنْ شَرْقِيِّ أُمَّتِي، فَأَعْطَيْتَهُمُ الْمَنَّ مِنْ مَشْرِقِي لِنَفْسِي، وَآتَيْتَهُمُ السَّلْوَى مِنْ غَرْبِيِّهِمْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ، وَاشْتَكَيْتُ الْحَرَّ فَنَادَيْتُكَ، فَظَلَّلْتَ عَلَيْهِمْ بِالْغَمَامِ، فَمَا أُطِيقُ نُعْمَاكَ عَلَيَّ أَنْ أَعُدَّهَا وَلَا أُحْصِيهَا، وَإِنْ أَرَدْتُ شُكْرَهَا لَا أَسْتَطِيعُهَا. فَجِئْتُكَ الْيَوْمَ رَاغِبًا طَالِبًا سَائِلًا مُتَضَرِّعًا، لَتُعْطِيَنِي مَا مَنَعْتَ غَيْرِي، أَطْلُبُ إِلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ يَا ذَا الْعَظَمَةِ وَالْعِزَّةِ وَالسُّلْطَانِ أَنْ تُرِيَنِي أَنْظُرُ إِلَيْكَ، فَإِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَرَى وَجْهَكَ الَّذِي لَمْ يَرَهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِكَ قَالَ لَهُ رَبُّ الْعِزَّةِ: فَلَا تَرَى يَا ابْنَ عِمْرَانَ مَا تَقُولُ؟ تَكَلَّمَتْ بِكَلَامٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ سَائِرِ الْخَلْقِ، لَا يَرَانِي أَحَدٌ فَيَحْيَا، أَلَيْسَ فِي السَّمَوَاتِ مُعَمِّرِي، فَإِنَّهُنَّ قَدْ ضَعُفْنَ أَنْ يَحْمِلْنَ عَظَمَتِي، وَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ مُعَمِّرِي، فَإِنَّهَا قَدْ ضَعُفَتْ أَنْ تَسِعَ بِجُنْدِي، فَلَسْتُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَأَتَجَلَّى لَعَيْنٍ تَنْظُرُ إِلَيَّ. -[٤٢٣]- قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ أَنْ أَرَاكَ وَأَمُوتَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ لَا أَرَاكَ وَلَا أَحْيَا، قَالَ لَهُ رَبُّ الْعِزَّةِ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ تَكَلَّمْتَ بِكَلَامٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ سَائِرِ الْخَلْقِ، لَا يَرَانِي أَحَدٌ فَيَحْيَا، قَالَ: رَبِّ تَمِّمْ عَلَيَّ نُعْمَاكَ، وَتَمِّمْ عَلَيَّ فَضْلَكَ، وَتَمِّمْ عَلَيَّ إِحْسَانَكَ هَذَا الَّذِي سَأَلْتُكَ، لَيْسَ لِي أَنْ أَرَاكَ فَأُقْبَضَ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أَرَاكَ فَيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ لَنْ يَرَانِي أَحَدٌ فَيَحْيَا. قَالَ: مُوسَى رَبِّ تَمِّمْ عَلَيَّ نُعْمَاكَ وَفَضْلَكَ، وَتَمِّمْ عَلَيَّ إِحْسَانَكَ هَذَا الَّذِي سَأَلْتُكَ، لَيْسَ لِي أَنْ أَرَاكَ فَأَمُوتَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْحَيَاةِ، فَقَالَ الرَّحْمَنُ الْمُتَرَحِّمُ عَلَى خَلْقِهِ: قَدْ طَلَبْتَ يَا مُوسَى، وَأَعْطَيْتُكَ سُؤْلَكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ، فَاذْهَبْ فَاتَّخِذْ لَوْحَيْنِ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الْحَجَرِ الْأَكْبَرِ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ، فَإِنَّ مَا وَرَاءَهُ وَمَا دُونَهُ مَضِيقٌ لَا يَسَعُ إِلَّا مَجْلِسَكَ يَا ابْنَ عِمْرَانَ، ثُمَّ انْظُرْ فَإِنِّي أُهْبِطُ إِلَيْكَ جُنُودِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ. فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ، نَحَتَ لَوْحَيْنِ ثُمَّ صَعِدَ بِهِمَا إِلَى الْجَبَلِ، فَجَلَسَ عَلَى الْحَجَرِ: فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهِ، أَمَرَ اللَّهُ جُنُودَهُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: ضَعِي أَكْنَافَكِ حَوْلَ الْجَبَلِ، فَسَمِعَتْ مَا قَالَ الرَّبُّ فَفَعَلَتْ أَمْرَهُ، ثُمَّ -[٤٢٤]- أَرْسَلَ اللَّهُ الصَّوَاعِقَ وَالظُّلْمَةَ وَالضَّبَابَ عَلَى مَا كَانَ يَلِي الْجَبَلَ الَّذِي يَلِي مُوسَى أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ الدُّنْيَا أَنْ يَمُرُّوا بِمُوسَى، فَاعْتَرِضُوا عَلَيْهِ، فَمَرُّوا بِهِ طَيْرَانَ النَّغْرِ تَنْبُعُ أَفْوَاهُهُمْ بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ كَصَوْتِ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ، فَقَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رَبِّ إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا غَنِيًّا، مَا تَرَى عَيْنَايَ شَيْئًا قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُمَا مِنْ شُعَاعِ النُّورِ الْمُتَصَفِّفِ عَلَى مَلَائِكَةِ رَبِّي. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى مُوسَى، فَاعْتَرِضُوا عَلَيْهِ، فَهَبَطُوا أَمْثَالَ الْأَسَدِ، لَهُمْ لَجَبٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، فَفَزِعَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ ابْنُ عِمْرَانَ مِمَّا رَأَى وَمِمَّا سَمِعَ، فَاقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِهِ وَجِلْدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَدِمْتُ عَلَى مَسْأَلَتِي إِيَّاكَ، فَهَلْ يُنَجِّينِي مِنْ مَكَانِي الَّذِي أَنَا فِيهُ شَيْءٌ؟ فَقَالَ لَهُ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأْسُهُمْ: يَا مُوسَى اصْبِرْ لِمَا سَأَلْتَ، فَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مَا رَأَيْتَ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى مُوسَى، فَاعْتَرِضُوا عَلَيْهِ، فَأَقْبَلُوا أَمْثَالَ النُّسُورِ لَهُمْ قَصْفٌ وَرَجْفٌ وَلَجَبٌ شَدِيدٌ، وَأَفْوَاهُهُمْ تَنْبُعُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ كَلَجَبِ الْجَيْشِ الْعَظِيمِ أَوْ كَلَهَبِ النَّارِ، فَفَزِعَ مُوسَى، وَأَيِسَتْ نَفْسُهُ، وَأَسَاءَ ظَنَّهُ، وَأَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ، فَقَالَ -[٤٢٥]- لَهُ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأْسُهُمْ: مَكَانَكَ يَا ابْنَ عِمْرَانَ، حَتَّى تَرَى مَا لَا تَصْبِرُ عَلَيْهِ؟ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَنِ اهْبِطُوا فَاعْتَرِضُوا عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ. فَأَقْبَلُوا وَهَبَطُوا عَلَيْهِ لَا يُشْبِهُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الَّذِينَ مَرُّوا بِهِ قَبْلَهُمْ، أَلْوَانُهُمْ كَلَهَبِ النَّارِ، وَسَائِرُ خَلْقِهِمْ كَالثَّلْجِ الْأَبْيَضِ، أَصْوَاتُهُمْ عَالِيَةٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، لَا يُقَارِبُهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَصْوَاتِ الَّذِينَ مَرُّوا بِهِ قَبْلَهُمْ. فَاصْطَكَّتْ رُكْبَتَاهُ، وَأُرْعِدَ قَلْبُهُ، وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ، فَقَالَ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأْسُهُمْ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ اصْبِرْ لِمَا سَأَلْتَ، فَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مَا رَأَيْتَ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ أَنِ اهْبِطُوا فَاعْتَرِضُوا عَلَى مُوسَى، فَهَبَطُوا عَلَيْهِ سَبْعَةَ أَلْوَانٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ مُوسَى أَنْ يُتْبِعَهُمْ طَرْفَهُ، وَلَمْ يَرَ مِثْلَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِثْلَ أَصْوَاتِهِمْ، وَامْتَلَأَ جَوْفُهُ خَوْفًا، وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ، وَكَثُرَ بُكَاؤُهُ، فَقَالَ لَهُ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأْسُهُمْ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ مَكَانَكَ حَتَّى تَرَى مَا لَا تَصْبِرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى عَبْدِي الَّذِي طَلَبَ أَنْ يَرَانِي مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَاعْتَرِضُوا عَلَيْه


الصفحة التالية
Icon