: " ﴿يُلْحِدُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٠] قَالَ: يُشْرِكُونَ " وَأَصْلُ الْإِلْحَادِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعُدُولُ عَنِ الْقَصْدِ، وَالْجَوْرُ عَنْهُ، وَالْإِعْرَاضُ، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مُعْوَجٍّ غَيْرِ مُسْتَقِيمٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلَحْدِ الْقَبْرِ لَحْدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي وَسَطِهِ، يُقَالُ مِنْهُ: أَلْحَدَ فُلَانٌ يُلْحِدُ إِلْحَادًا، وَلَحَدَ يَلْحَدُ لَحْدًا وَلُحُودًا وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِلْحَادِ وَاللَّحْدِ، فَيَقُولُ فِي الْإِلْحَادِ: إِنَّهُ الْعُدُولُ عَنِ الْقَصْدِ، وَفِي اللَّحْدِ إِنَّهُ الرُّكُونُ إِلَى الشَّيْءِ، وَكَانَ يَقْرَأُ جَمِيعَ مَا فِي الْقُرْآنِ يُلْحِدُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، إِلَّا الَّتِي فِي النَّحْلِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: (يَلْحَدُونَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْحَاءِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ بِمَعْنَى الرُّكُونِ. وَأَمَّا سَائِرُ أَلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فَيَرَوْنَ أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَأَنَّهُمَا لُغَتَانِ جَاءَتَا فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: ﴿يُلْحِدُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٠] بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَلْحَدَ يُلْحِدُ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (يَلْحَدُونَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْحَاءِ مِنْ لَحَدَ يَلْحَدُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ. غَيْرَ أَنِّي أَخْتَارُ الْقِرَاءَةَ بِضَمِّ الْيَاءِ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: