حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿كَأَنَّكَ حَفِيُّ عَنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧] قَالَ: كَأَنَّكَ عَالِمٌ بِهَا. وَقَالَ: أَخْفَى عِلْمَهَا عَلَى خَلْقِهِ. وَقَرَأَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ [لقمان: ٣٤] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: " ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧] يَقُولُ: كَأَنَّكَ يُعْجِبُكَ سُؤَالُهُمْ إِيَّاكَ. ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ١٨٧] " وَقَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيُّ عَنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧] يَقُولُ: لَطِيفٌ بِهَا. فَوَجَّهَ هَؤُلَاءِ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيُّ عَنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧] أَيْ: حَفِيُّ بِهَا، وَقَالُوا: تَقُولُ الْعَرَبُ: تَحَفَّيْتُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَتَحَفَّيْتُ عَنْهُ. قَالُوا: وَلِذَلِكَ قِيلَ: أَتَيْنَا فُلَانًا نَسْأَلُ بِهِ، بِمَعْنَى نَسْأَلُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: كَأَنَّكَ حَفِيُّ بِالْمَسْأَلَةِ عَنْهَا فَتَعْلَمُهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿حَفِيُّ عَنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧] وَلَمْ يَقُلْ حَفِيُّ بِهَا، إِنْ كَانَ ذَلِكَ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ؟ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ قِيلَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَفَاوَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ الْبَشَاشَةُ لِلْمَسْئُولِ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ، وَالْإِكْثَارُ مِنَ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَالسُّؤَالُ يُوصَلُ بِعَنْ مَرَّةً وَبِالْبَاءِ مَرَّةً، فَيُقَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ، وَسَأَلْتُ بِهِ، فَلَمَّا وَضَعَ قَوْلَهُ ﴿حَفِيُّ -[٦١٥]-﴾ [الأعراف: ١٨٧] مَوْضِعَ السُّؤَالِ، وُصِلَ بِأَغْلَبِ الْحَرْفَيْنِ اللَّذَيْنِ يُوصَلُ بِهِمَا السُّؤَالُ، وَهُوَ عَنْ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
الصفحة التالية
سُؤَالَ حَفِيٍّ عَنْ أَخِيهِ كَأَنَّهُ | يُذَكِّرُهُ وَسْنَانُ أَوْ مُتَوَاسِنُ |