بِهِ، وَانْتَهَوْا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ وَتَرَكُوا فِيهِ طَاعَةَ الشَّيْطَانِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (طَيْفٌ) فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: ﴿طَائِفٌ﴾ [الأعراف: ٢٠١] عَلَى مِثَالِ فَاعِلٍ، وَقَرَأَهُ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: (طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ) وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي فَرْقِ مَا بَيْنَ الطَّائِفِ وَالطَّيْفِ. قَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: الطَّائِفُ وَالطَّيْفُ سَوَاءٌ، وَهُوَ مَا كَانَ كَالْخَيَالِ وَالشَّيْءِ يَلِمُّ بِكَ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الطَّيْفُ مُخَفَّفًا عَنْ طَيِّفٍ مِثْلُ مَيِّتٍ وَمَيْتٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: الطَّائِفُ: مَا طَافَ بِكَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَأَمَّا الطَّيْفُ: فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ اللِّمَمِ وَالْمَسِّ. وَقَالَ آخَرٌ مِنْهُمُ: الطَّيْفُ: اللِّمَمُ، وَالطَّائِفُ: كُلُّ شَيْءٍ طَافَ بِالْإِنْسَانِ. وَذُكِرَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الطَّيْفُ: الْوَسْوَسَةُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ [الأعراف: ٢٠١] لِأَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ بِمَعْنَى الْغَضَبِ وَالزَّلَّةِ تَكُونُ مِنَ الْمَطِيفِ بِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ مَعْلُومًا إِذْ كَانَ الطَّيْفُ إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: طَافَ يَطِيفُ، أَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ عَمَّا يَمَسُّ الَّذِينَ اتَّقَوْا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّمَا يَمَسُّهُمْ مَا طَافَ بِهِمْ مِنْ أَسْبَابِهِ، وَذَلِكَ كَالْغَضَبِ وَالْوَسْوَسَةِ. وَإِنَّمَا


الصفحة التالية
Icon