عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَالْمُسْتَكِينُ لِطَاعَتِهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٣]، يَقُولُ: فَاخْرُجْ مِنَ الْجَنَّةِ إِنَّكَ مِنَ الَّذِينَ قَدْ نَالَهُمْ مِنَ اللَّهِ الصَّغَارُ وَالذُّلُّ وَالْمَهَانَةُ، يُقَالُ مِنْهُ: صَغِرَ يَصْغُرُ صَغَرًا وَصَغَارًا وَصَغْرَانًا، وَقَدْ قِيلَ: صَغُرَ يَصْغُرُ صَغَارًا وَصَغَارَةً. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا قَالَ السُّدِّيُّ
حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٣] " وَالصَّغَارُ: هُوَ الذُّلُّ "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ وَهَذِهِ أَيْضًا جَهْلَةٌ أُخْرَى مِنْ جَهَلَاتِهِ الْخَبِيثَةِ، سَأَلَ رَبَّهُ مَا قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّظِرَةَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَذَلِكَ هُوَ يَوْمُ يُبْعَثُ فِيهِ الْخَلْقُ، وَلَوْ أُعْطِيَ مَا سَأَلَ مِنَ النَّظِرَةِ كَانَ قَدْ أُعْطِيَ الْخُلُودَ وَبَقَاءً لَا فَنَاءَ مَعَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا مَوْتَ بَعْدَ الْبَعْثِ. فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُ: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾، وَذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي قَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكَ وَالْمَوْتَ وَالْفَنَاءَ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ يَبْقَى فَلَا يَفْنَى غَيْرَ رَبِّنَا الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥]، وَالْإِنْظَارُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: التَّأْخِيرُ، يُقَالُ مِنْهُ: أَنْظَرْتُهُ بِحَقِّي عَلَيْهِ، أَنْظَرَهُ بِهِ إِنْظَارًا.