حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: " ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٢٧] أَيْ: لَا تُظْهِرُوا لِلَّهِ مِنَ الْحَقِّ مَا يَرْضَى بِهِ مِنْكُمْ ثُمَّ تُخَالِفُوهُ فِي السِّرِّ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هَلَاكٌ لِأَمَانَاتِكُمْ وَخِيَانَةٌ لِأَنْفُسِكُمْ " فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلَ، قَوْلُهُ: ﴿وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٧] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِ. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ | عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ |
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: " ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٧] يَقُولُ: لَا تَخُونُوا: يَعْنِي لَا تُنْقِصُوهَا " فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ، وَلَا تَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ. -[١٢٥]- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْأَمَانَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٧] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَا يَخْفَى عَنْ أَعْيَنَ النَّاسِ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ