حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: " ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: ٣٥] قَالَ: الْمُكَاءُ: صَفِيرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْلِنُونَ بِهِ. قَالَ: وَقَالَ فِي الْمُكَاءِ أَيْضًا: صَفِيرٌ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَعِبٌ " وَقَدْ قِيلَ فِي التَّصْدِيَةِ: إِنَّهَا الصَدُّ عَنْ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ. وَذَلِكَ قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ التَّصْدِيَةَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: صَدَّيْتُ تَصْدِيَةً. وَأَمَّا الصَّدُّ فَلَا يُقَالُ مِنْهُ: صَدَّيْتُ، إِنَّمَا يُقَالُ مِنْهُ صَدَدْتُ، فَإِنْ شَدَّدْتَ مِنْهَا الدَّالَ عَلَى مَعْنَى تَكْرِيرِ الْفِعْلِ، قِيلَ: صَدَّدْتُ تَصْدِيدًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ وَجَّهَ التَّصْدِيَةَ إِلَى أَنَّهُ مِنْ صَدَّدْتُ، ثُمَّ قُلِبَتْ إِحْدَى دَالَيْهِ يَاءً، كَمَا يُقَالُ: تَظَنَّيْتُ مِنْ ظَنَّنْتُ، وَكَمَا قَالَ الرَّاجِزُ: تَقَضِّيَ الْبَازِي إِذَا الْبَازِي كَسَرْ يَعْنِي: تَقَضُّضَ الْبَازِي، فَقُلِبَ إِحْدَى ضَادَيْهِ يَاءً، فَيَكُونُ ذَلِكَ وَجْهًا يُوَجَّهُ إِلَيْهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَا ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِ التَّصْدِيَةِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: " ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: ٣٥] صَدَّهُمْ عَنْ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ "