حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: " ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: فَكَانَ يُجَاءُ بِالْغَنِيمَةِ فَتُوضَعُ، فَيَقْسِمُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، فَيَجْعَلُ أَرْبَعَةً بَيْنَ النَّاسِ وَيَأْخُذُ سَهْمًا، ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ السَّهْمِ، فَمَا قَبَضَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ، فَهُوَ الَّذِي سُمِيَ لِلَّهِ، وَيَقُولُ: «لَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نَصِيبًا فَإِنَّ لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ» ثُمَّ يَقْسِمُ بَقِيَّتَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَهْمٍ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٍ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٍ لِابْنِ السَّبِيلِ " وَقَالَ آخَرُونَ: مَا سُمِّيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مُرَادٌ بِهِ قَرَابَتُهُ، وَلَيْسَ لِلَّهِ وَلَا لِرَسُولِهِ مِنْهُ شَيْءٌ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ -[١٩١]- عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمُسٌ وَاحِدٌ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعٍ، فَرُبُعٌ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى يَعْنِي قَرَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَهُوَ لَقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْخُمُسِ شَيْئًا، وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى، وَالرُّبُعُ الثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ، وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ لِابْنِ السَّبِيلِ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] افْتِتَاحُ كَلَامٍ؛ وَذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ غَيْرُ جَائِزٍ قَسْمُهُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ، وَلَوْ كَانَ لِلَّهِ فِيهِ سَهْمٌ كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ مَقْسُومًا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَسْمِهِ عَلَى خَمْسَةٍ فَمَا دُونَهَا، فَأَمَّا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَمَا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا قَالَهُ غَيْرَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْخَبَرِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَفِي إِجْمَاعِ مَنْ ذَكَرْتُ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا اخْتَرْنَا. فَأَمَّا مَنْ قَالَ: سَهْمُ الرَّسُولِ لِذَوِي الْقُرْبَى، فَقَدْ أَوْجَبَ لِلرَّسُولِ سَهْمًا، وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرَفَهُ إِلَى ذَوِي قَرَابَتِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْقَسَمُ كَانَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ