حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " لَمَّا أَجْمَعَتْ قُرَيْشٌ عَلَى السَّيْرِ، قَالُوا: إِنَّمَا نَتَخَوَّفُ مِنْ بَنِي بَكْرٍ. فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: أَنَا جَارٌ لَكُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، وَلَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ " فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَحِينَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ خُرُوجَهُمْ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لِحَرْبِكُمْ وَقِتَالِكُمْ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَحَثَّهُمْ عَلَيْكُمْ وَقَالَ لَهُمْ: لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَاطْمَئِنُّوا وَأَبْشِرُوا، وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ مِنْ كِنَانَةَ أَنْ تَأْتِيَكُمْ مِنْ وَرَائِكُمْ فَتُغِيرَكُمْ أُجِيرُكُمْ وَأَمْنَعُكُمْ مِنْهُمْ، وَلَا تَخَافُوهُمْ، وَاجْعَلُوا جَدَّكُمْ وَبَأْسَكُمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ. ﴿فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ﴾ [الأنفال: ٤٨] يَقُولُ: فَلَمَّا تَزَاحَفَتْ جُنُودُ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنُودُ الشَّيْطَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴿نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [الأنفال: ٤٨] يَقُولُ: رَجَعَ الْقَهْقَرَى عَلَى قَفَاهُ هَارِبًا، يُقَالُ مِنْهُ: نَكَصَ يَنْكُصُ وَيَنْكِصُ نُكُوصًا، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
[البحر البسيط]
الصفحة التالية
هُمْ يَضْرِبُونَ حَبِيكَ الْبَيْضِ إِذْ لَحِقُوا | لَا يَنْكُصُونُ إِذَا مَا اسْتُلْحِمُوا وَحَمُوا |