حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١] قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ بَرَاءَةُ عَاهَدَ نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ، فَنَزَلَتْ بَرَاءَةُ مِنَ اللَّهِ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ كَانَ عَاهَدَكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنِّي أَنْقُضُ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَأُؤَجِّلُهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ حَيْثُ شَاءُوا مِنَ الْأَرْضِ آمِنِينَ، وَأَجَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ انْسِلَاخُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ يَوْمِ أُذِّنَ بِبَرَاءَةَ وَأَذِنَ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَكَانَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ ثَلَاثِينَ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ لَيْلَةً. فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا انْسَلَخَ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ يَقْتُلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَأَمَرَ بِمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ إِذَا انْسَلَخَ أَرْبَعَةٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ أَنْ يَضَعَ فِيهِمُ السَّيْفَ أَيْضًا يَقْتُلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ. فَكَانَتْ مُدَّةُ مَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسِينَ لَيْلَةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَمُدَّةُ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى عَشْرٍ يَخْلُونَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ -[٣٠٨]- وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَلِيًّا نَادَى بِالْأَذَانِ، وَأُمِّرَ عَلَى الْحَاجِّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَانَ الْعَامُ الَّذِي حَجَّ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَلَمْ يَحُجَّ الْمُشْرِكُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ. قَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَى مُدَّتِهِمْ﴾ [التوبة: ٤] قَالَ: هُمْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ الَّذِينَ عَاهَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِمْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُوفِّيَ بِعَهْدِهِمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ وَمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ انْسِلَاخُ الْمُحَرَّمِ، وَنَبَذَ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، وَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا ذَلِكَ " وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ ابْتِدَاءُ تَأْخِيرِ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَانْقَضَاءُ ذَلِكَ لِجَمِيعِهِمْ وَقْتًا وَاحِدًا. قَالُوا: وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَانْقِضَاؤُهُ انْقِضَاءَ عَشْرٍ مِنْ رَبِيعِ الْآخَرِ