وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾ [التوبة: ٢] فَإِنَّهُ يَقُولُ لِأَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: اعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ أَنَّكُمْ إِنْ سِحْتُمْ فِي الْأَرْضِ وَاخْتَرْتُمْ ذَلِكَ مَعَ كُفْرِكُمْ بِاللَّهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدٍ وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ ﴿غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾ [التوبة: ٢] يَقُولُ: غَيْرُ مُفِيتِيهِ بِأَنْفُسِكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ حَيْثُ ذَهَبْتُمْ وَأَيْنَ كُنْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَفِي قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، لَا يَمْنَعُكُمْ مِنْهُ وَزِيرٌ وَلَا يَحُولُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ إِذَا أَرَادَكُمْ بِعَذَابٍ مَعْقِلٌ وَلَا مَوْئِلٌ إِلَّا الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَالتَّوْبَةَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ. يَقُولُ: فَبَادِرُوا عُقُوبَتَهُ بِتَوْبَةٍ، وَدَعُوا السِّيَاحَةَ الَّتِي لَا تَنْفَعُكُمْ
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: ٢] يَقُولُ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مُذِلُّ الْكَافِرِينَ، وَمُوَرِّثُهُمُ الْعَارَ فِي الدُّنْيَا وَالنَّارَ فِي الْآخِرَةِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْأَذَانِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِشَوَاهِدِهِ
وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: زَعَمَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ أَنَّ -[٣٢١]- قَوْلَهُ: " ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٣] قَالَ: الْأَذَانُ الْقَصَصُ، فَاتِحَةُ بَرَاءَةَ حَتَّى تُخْتَمَ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة: ٢٨] فَذَلِكَ ثَمَانٌ وَعِشْرُونَ آيَةً "


الصفحة التالية
Icon