حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: " يَوْمُ الْحَجِّ، وَيَوْمُ الْجَمَلِ، وَيَوْمُ صِفِّينَ: أَيْ أَيَّامُهُ كُلُّهَا "
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة: ٣] قَالَ حِينَ الْحَجِّ، أَيْ أَيَّامُهُ كُلُّهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ عِنْدَنَا: قَوْلُ مَنْ قَالَ: ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة: ٣] يَوْمُ النَّحْرِ؛ لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلِيًّا نَادَى بِمَا أَرْسَلَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّسَالَةِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ بَرَاءَةَ يَوْمَ النَّحْرِ. هَذَا مَعَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ النَّحْرِ: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ. وَبَعْدُ: فَإِنَّ الْيَوْمَ إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى مَعْنَى الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، كَقَوْلِ النَّاسِ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَذَلِكَ يَوْمُ وقُوفِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، وَيَوْمُ الْأَضْحَى، وَذَلِكَ يَوْمٌ يُضَحُّونَ فِيهِ، وَيَوْمُ الْفِطْرِ، وَذَلِكَ يَوْمٌ يُفْطِرُونَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يَوْمُ الْحَجِّ، يَوْمٌ يَحُجُّونَ فِيهِ. وَإِنَّمَا يَحُجُّ النَّاسُ وَيَقْضُونَ مَنَاسِكَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ فِي لَيْلَةِ نَهَارِ يَوْمِ النَّحْرِ الْوقُوفَ بِعَرَفَةَ كَانَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَفِي صَبِيحَتِهَا يُعْمَلُ أَعْمَالُ -[٣٣٧]- الْحَجِّ، فَأَمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْوقُوفُ بِعَرَفَةَ فَغَيْرُ فَائِتٍ الْوقُوفُ بِهِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَالْحَجُّ كُلُّهُ يَوْمَ النَّحْرِ. وَأَمَّا مَا قَالَ مُجَاهِدٌ مِنْ أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ إِنَّمَا هُوَ أَيَّامُهُ كُلُّهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَلَيْسَ بِالْأَشْهَرِ الْأَعْرَفِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ مَعَانِيهِ، بَلْ غَلَبَ عَلَى مَعْنَى الْيَوْمِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْغَدِ، وَإِنَّمَا مَحْمَلُ تَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَعْرَفِ مِنْ كَلَامِ مَنْ نَزَلَ الْكِتَابُ بِلِسَانِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ قِيلَ لِهَذَا الْيَوْمِ: يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا حَجُّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ